الخميس 25 أبريل 2024 01:08 مـ
الجارديان المصرية

رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير عبد النبى عبد الستار

مقالات

الكتابة اللبنانية الكبيرة راوية المصرى تكتب : وحشية الإنسان

الكتابة اللبنانية الكبيرة راوية المصرى
الكتابة اللبنانية الكبيرة راوية المصرى

عندما كان الرحالة كريستوف كولومبوس بطريقه الى الهند الغربية، حل عن طريق الخطأ بما يسمى اليوم أميركا، في العام ١٤٩٢. عندما وصل ظن انه في الهند، فأطلق على سكان قارة أميركا الأصليين الهنود الحمر، طلب المؤونة والطعام منهم، فرفضوا. هددهم بسرقة القمر، إن لم ينفّذوا كل طلباته، لأن علماء الفلك الذين رافقوه برحلته أخبروه أن هنالك خسوف وشيك محتمل للقمر . وبعد خسوف القمر وجدوا أن تهديده حقيقي وقادر أن يسرق القمر ، نفذوا جميع طلباته، وبعد فترة قصيرة عاد القمر، فظنوا إنه رجل جبار يستطيع أن يسرق القمر ساعة يشاء.

وللحفاظ على طقوسهم خسروا قارة بكاملها مع ثروتها العملاقة .وعندها، حصل على الكثير من الذهب ثمن استرجاع القمر.

أعجب ملك أسبانيا بفعلة كريستوف فدعمه بالمزيد من الجنود، فذهبوا واحتلوا كثير من الأراضي وباشروا بالإبادة الجماعية للسكان الأصليين، سمموا المياه، قتلوا المواشي، سبوا نسائهم وسلبوا ارزاقهم.
وبما أنه لا يوجد تكافؤ بالحرب عرض الهنود الحمر الصلح. وليبدي الأوروبيّون "حسن النيّة" قدموا لهم اغطية ملوثة بالأمراض المستعصية، مثل الطاعون والجدري، وبالفعل تم إبادة ثمانين في المئة منهم، و للقضاء على مَن تبقّى، عرض القادة العسكريون مكافأة مالية لكل من يجلب رأس هندي، كبيرا كان أم صغيرا ، ثم تضاعفت المكافأة لسلخ الهنود بمشاهد إحتفالية.

وحسب أول تاريخ موثق عن وصول أفارقه مستعبَدين إلى اميركا، كان عن طريق قراصنة انكليز اسروهم من سفينة برتغالية لهدف بيعهم كعبيد .ورغم ان الأمريكان وضعوا قوانين لمنع الاستعباد والعنصرية، واتحفونا بتولي رئيس جمهورية من الخلفية الإفريقية ولكن العنصرية مكتسبة.

ماذا عن مشرقنا ودولنا العربية؟

عشر سنوات مرت ولم أنسى زميلة الدراسة لاريسا، في مدرسة الأجانب في السويد .

كنا اكثر من٥٠ شخص في القاعة وكل منا بدوره يعرف عن نفسه ومن أي بلد أتى. جاء دوري وعرفت عن إسمي ، عندما انتهينا بدأنا نتعرف على بعض بلغة شبيهة بالإشارة وأحيانا باللغة انكليزية. عندما بادرت لأسأل لاريسا، كانت ردة فعلها عدوانية وقالت لا أريد أن أتعرّف على إنسان يتكلم العربية . وكانت تنظر إلي وكأنها رأت عفريت. زاد فضولي لمعرفة السبب وبقيت الاحقها فترة طويلة، حتى اعترفت بسبب عدائها ،
قالت لي أنها كانت تعيش لمدة خمس سنوات في بلد عربي، في أول يوم اتت سيدة أنيقة ، تستقل سيارة غالية و أخذتني من مكتب الخدم الى بيتها الفاخر، عند وصولي بدأت بأعطاء التوجيهات وطلبت مني الإستحمام ورمي كل ملابسي وخصصت لي فراش لا يكفي لقطة، في زاوية تحت درج الفيلا، وقامت بتربيتي من جديد: اهانات وضرب وتأنيب وتعاملني بأبشع الطرق، إلى يوم طلبت مني أن اهرس فص ثوم وكان عمل جديد بالنسبة لي، فقمت بتقشيره ووضعته على طاولة المطبخ وبدأت بكبسه بأصبعي، عندما رأتني جن جنونها وتحولت إلى وحش وقامت بوضع اصابعي الخمسة على المجلى وبدأت تضربني بالمدقة الخاصة لهرس الثوم وتقول لي: هكذا يهرسوا الثوم حتى كسرت اصابعي، ولم تكتفي بذلك فلفت يدها على شعري وبدأت تضربني حتى تعبت ولم تشفي غليلها مني، و قالت لزوجها يجب أن تربيها فقام بضربي ضرباً مبرحاً، وبقيت بين الموت والحياة عشر أيام دون أن يعالجوني. عندما بدأت أمشي هربت ولا يوجد مكان ألجأ اليه، ولا أعرف المنطقة التي اعمل فيها. مشيت في الشارع و أنا ابكي إلى أن وقفت سيارة بجانبي، وسالتني السيّدة التي خلف المقود عن حالتي وقلت لها ماذا حل بي. أخذتني إلى بيتها واستعبدتني وكان ابنها يأتي آخر الليل يغتصبني. لم أتحمل هذا الوضع هربت واستأجرت غرفة مع ثلاث نساء من الجنسية الإثيوبية. وقررت أن أبحث عن مخرج للهروب خارج البلد وهكذا حصل. لهذا السبب أكره كل إنسان يتكلم العربية لأنه يذكرني بأبشع ايام حياتي.
هذا نموذج مصغر عن حالات الاستبعاد والعنصرية في مجتمعاتنا العربية بحق من يظنون أن الله خلقهم لخدمتهم و لاستعبادهم وضربهم ساعة يشاؤون.
ذوي البشرة السمراء مثلك أيها الإنسان لحم ودم، يأكلون ويشربون ويتكلمون ولهم قلب ولديهم مشاعر وأحاسيس، لم يأتوا إلى بلداننا في نزهة، تركوا الغالي والنفيس للحصول على لقمة عيش لفلذة اكبادهم، تغربوا، بكوا واذلوا في بلدان نزل فيها آلاف الأنبياء والرسل. إذ كنت تعترف بوجود الله فهؤلاء خلقه و هو المسؤول عن تلوين بشرتهم وانت تعترض، وأن كنت لا تعترف بوجود خالق لهذا الكون الفسيح، فالحس الإنساني يجب أن يمنعك، إلا إذا كانت الجينات الحيوانية ما زالت موجودة في اعماقك
كفى استبعادا، كفى تصرف بعنصرية تجاه إنسان مثلك، انت لست أفضل منه والدنيا غدارة و لا شيء مضمون، قد يدور بك الزمن وتكون مكانهم ومن لم يرحم لا يُرحَم.
تطور الإنسان عبر الزمن وتغيرت ملامحه ولكن الوحش بقي قابعاً بداخله.