الأربعاء 2 يوليو 2025 01:55 صـ
الجارديان المصرية

رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير عبد النبى عبد الستار

مقالات

#حكايات مصرية

الكاتب الصحفي الحسيني عبد الله يكتب : العدالة الغائبة

الكاتب الصحفي الحسينى عبدالله
الكاتب الصحفي الحسينى عبدالله

عام 1945. أسست الأمم المتحدة هئيتها القانونية الأعلى محكمة العدل الدولية والتي تعرف أيضا باسم "المحكمة العالمية"، وهي أعلى هيئة قانونية تابعة للأمم المتحدة للتعامل مع النزاعات بين الدول.
وهي تختلف عن المحكمة الجنائية الدولية، التي تتخذ أيضا من مدينة لاهاي الهولندية مقرا لها، وتتعامل مع تهم جرائم الحرب الموجهة ضد الأفراد.
تتكون هيئة محكمة العدل الدولية من 15 قاضيا، يضاف إليهم أثنين آخرين عند نظر أي قضايا بين دولتين حيث يمثل كل قاضي الدولة التي ينتمي إليها وهو ما سيحدث بين جنوب أفريقيا التي إقامة دعوة ضد دولة الكيان الصهيوني
ولكان هنا سؤال لماذا جنوب أفريقيا؟
والإجابة إن جنوب إفريقيا وإسرائيل وقعتا على اتفاقية الإبادة الجماعية لعام 1948، التي تمنح محكمة العدل الدولية الاختصاص القضائي للفصل في النزاعات على أساس المعاهدة.
بينما تدور القضية حول الأراضي الفلسطينية المحتلة، ليس للفلسطينيين أي دور رسمي في الإجراءات، لأنه ليست لديهم دولة عضوا في الأمم المتحدة.
تلزم اتفاقية الإبادة الجماعية جميع الدول الموقعة، ليس فقط بعدم ارتكاب الإبادة الجماعية، بل وبمنعها والمعاقبة عليها.
تعرف المعاهدة الإبادة الجماعية بأنها "الأفعال المرتكبة بقصد التدمير الكلي أو الجزئي لجماعة قومية أو إثنية أو عنصرية أو دينية".
ما هي قضية جنوب إفريقيا؟
تقدمت جنوب إفريقيا بمذكرة من 84 صفحة شرحت فيها إن أفعال إسرائيل في قطاع غزة وقتل الفلسطينيين "تعتبر ذات طابع إبادة جماعية، لأنها ترتكب بالقصد المحدد المطلوب" لتدمير الفلسطينيين في غزة كجزء من القومية الفلسطينية الأوسع والمجموعة العرقية والإثنية.
تشير الدعوى إلى أن سلوك إسرائيل، "من خلال أجهزة الدولة ووكلاء الدولة وغيرهم من الأشخاص والكيانات التي تعمل بناء على تعليماتها أو تحت توجيهها أو سيطرتها أو نفوذها"، يشكل انتهاكا لالتزاماتها تجاه الفلسطينيين في غزة بموجب اتفاقية الإبادة الجماعية.
ذكرت الدعوى أيضا أن إسرائيل "فشلت في منع الإبادة الجماعية وفشلت في مقاضاة التحريض المباشر والعلني على الإبادة الجماعية".
وقد وصفت إسرائيل الاتهام بأنه لا أساس له، وقال متحدث باسم الحكومة الإسرائيلية إن "اتهام فرية الدم السخيف" الذي توجهه جنوب إفريقيا يهدف إلى إثارة الكراهية القاتلة لليهود.
قالت إسرائيل إنها ستمثل أمام المحكمة لعرض قضيتها
ومن المقرر أن تنعقد الجلسات اليوم الخميس وغدا الجمعة، وسيكون لجنوب إفريقيا وإسرائيل ساعتان لتقديم الحجج سواء لصالح أو ضد اتخاذ التدابير الطارئة
ولن يتم استدعاء شهود للإدلاء بشهادتهم ولا حتى استجوابهم، وسيكون العرض التقديمي غالبا حججا قانونية يقدمها مسؤولو الدولة وفرقهم من المحامين الدوليين
يعد طلب جنوب إفريقيا من المحكمة الإشارة إلى تدابير مؤقتة من أجل حماية الفلسطينيين في غزة
تقول الدعوى إن إسرائيل تتقاعس عن توفير الغذاء والماء والدواء والوقود والمساعدات الإنسانية لسكان قطاع غزة، خلال الحرب الدائرة مع حركة حماس منذ 3 أشهر، وتشير أيضا إلى حملة القصف المستمرة التي دمرت جزءا كبيرا من القطاع وأجبرت حوالي 1.9 مليون فلسطيني على النزوح، وأسفرت حتى الآن عن مقتل أكثر من 23 ألف شخص وفقا لمسؤولي قطاع الصحة في غزة.
جاء في الدعوي أن "جميع هذه الأعمال تُنسب إلى إسرائيل التي فشلت في منع الإبادة الجماعية، وترتكبها في انتهاك لاتفاقية الإبادة الجماعية"، مضيفة أن إسرائيل تقاعست عن منع مسؤولين فيها من التحريض على الإبادة الجماعية، مما يخالف ما تنص عليه الاتفاقية.
تطلب الدعوى من محكمة العدل الدولية فرض تدابير طوارئ لوقف الانتهاكات التي ترتكبها إسرائيل.
كخطوة أولى في قضية ستستغرق عدة سنوات لتنتهي.
ويُقصد بالتدابير المؤقتة نوع من الأوامر التقييدية لمنع تفاقم النزاع في أثناء نظر المحكمة في القضية بأكملها.
غالبا يعلن قضاة محكمة العدل الدولية مثل هذه التدابير، والتي تتكون عموما من مطالبة دولة بالامتناع عن أي إجراء قد يؤدي إلى تفاقم النزاع القانوني.
بالنسبة للتدابير المؤقتة فإن المحكمة تحتاج فقط أولا أن تحدد ما إذا كانت لها الولاية القضائية وما إذا كانت الأفعال موضع الشكوى يمكن أن تقع ضمن نطاق اتفاقية الإبادة الجماعية.
لا يتطلب الأمر بالضرورة أن تتخذ بعد ذلك التدابير نفسها التي يطلبها صاحب الدعوى.
ويذكر أن أحكام محكمة العدل الدولية نهائية وغير قابلة للطعن عليها، ليس هناك أي وسيلة لتنفيذها.
من شأن صدور حكم بحق إسرائيل أن يضر بسمعتها دوليا ويشكل سابقة قانونية.
وإذا خلصت المحكمة إلى أنها تتمتع بالسلطة القضائية مبدئيا فسوف تتخذ القضية مسارها في قصر السلام حيث تقع المحكمة في لاهاي، حتى لو قرر القضاة عدم الأمر بتدابير الطوارئ.
ستتاح لإسرائيل بعد ذلك فرصة أخرى للدفع بأن المحكمة ليس لديها أسس قانونية للنظر في دعوى جنوب إفريقيا وتقديم ما يسمى بالاعتراض المبدئي، وهو ما يمكنه فقط الاعتراض على نواحي الاختصاص القضائي.
إذا رفضت المحكمة هذا الاعتراض، فيمكن للقضاة في نهاية المطاف النظر في القضية خلال المزيد من الجلسات العلنية.
ومن المعروف ان مثل هذة القضايا قد يستمر نظرها لسنوات طويلة إمام محكمة يغيب عنها العدل كباقي هئيات الأمم المتحدة التي دائما ما تقف ضد دولة الكيان بمباركة أمريكا دون النظر في أنصاف الشعوب التي تعاني من الموت الإبادة الجماعية منذ تأسس الأمم المتحدة نفسها.