الأربعاء 1 مايو 2024 12:02 مـ
الجارديان المصرية

رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير عبد النبى عبد الستار

مقالات

الكاتب الصحفي إسماعيل أبو الهيثم يكتب : دعوة للحب

 الكاتب الصحفي إسماعيل أبو الهيثم
الكاتب الصحفي إسماعيل أبو الهيثم

إذا أردت أن تُحدِث طفرة في مجرى حياة إنسان ، إمنحهُ الحب الخالي من الغايات والمنافع المادية الرخيصة ، دعه يشعر بقيمة ذاته وأهميتها في قلب غيره ، ثم أنظر كمية الطاقة الايجابية والتدفق النوراني الأمثل الذي ينعكس على حياة المتلقي له - روحيا وعمليا - وما تفعله هذه العواطف في وظائف أعضائه ومجاله الحيوي الباطني!!
إن الحب إذا منح لممنوح ذو تربة ملائمة لبذرة الحب أينع وطاب غرسه ، وإن لم ..! فلوم نفسك علي عدم حصافتها وإسرافها في تبديد طاقتها !

فلا تعطي إهتمامك وحبك إلا لمن يستحق ، وادفع بهما نحو من يستحقهما ، لأنك إن بخلت بهما علي من يستحقهما، فقد خسرت ركن شديد كان من المتاح أن تركن إليه عند الحاجه له ، وإن أعطيتهما لمن لا يستحق فتكون كمن زرع وتعب في أرض ملحة غير صالحة للزراعة !!

الإهتمام ليس مصطلحا جامداً ، بل لغة كاملة لها معادلاتها ومفرداتها وصيغها الاستعارية وحمولتها الثقيلة من المعنى ، كما لها لونها وجرمها . إنها فن وعلم وفلسفه. علمً لامرئي ، قائم بذاته. لا يحيط به إلا خبراء تجسير العلاقات .

الإهتمام صنو الحب، وهما من الأحاسيس الإنسانية الجميلة التي تزين أنفسنا وتأنس تصرفاتنا ، بل بهما نتميز عن الكائنات الأخرى التي تشاركنا العيش على هذا الكوكب .

أعتقد أن الشي الحاسم الذي يجعلنا نشعر باختلافنا عن ما في كوننا هذا ، هو قدرتنا على التفكير، وعلى التعبير عن مشاعرنا ، وعلى تذوق الحب وفهم معانيه السامية .

الإهتمام والحب هما جوهر الصفات الإنسانية ، لأنهما وقود النور الذي يضيء ذاتنا قبل أن يضيء الكون ، ولأنهما يمدان جسورا من التعاطف بين بني الإنسان وعالمهم ، وبهما يستطيع الإنسان أن يهزم الكراهية والبغضاء والنوايا السيئة ، إنهما يعلمان التسامح والتضحية ، ويشعران بالرضى ، ويمنحا السلام وراحة البال، ويدفعا إلى الأمام .

المحب للحياة وللناس وللكون ، يؤمن بدين الحب . قد يكون المحب مسلماً ، أو مسيحياً ، أو يهودياً ، أو هندوسيا ، أو لا دينيا ، أو جزءًا من أي عقيدة أو فلسفة أخرى ويظل محبا صادقاً ، لأن دين الحب لا عقائد له ، ولا مذاهب ، ولا يطلب من المحبين القيام بشعائر ، ولا يفرض عليهم عبادات .

إننا ننضم إلى هذا الدين لنحب من أجل الحب ، ولنكون أكبر من الجهل والحقد والغباء . الحب يعالج الأرواح المأزومة الحائرة ويواسيها ، ويضع بلسما على جراحها والآمها ويشفيها من سقمها . إنه لا يرى اللون أو العرق ، أو الشكل أو المكانة الإجتماعية ، ولا يهتم بالفوارق بين البشر . إنه لا يرى كل هذه المنغصات ، لأنه يرى الناس كأناس موحدون في إنسانيتهم ، ومتساوون في وجودهم ، وفي صفاتهم الإنسانية ويتجاهل ما تبقى.

الحب دائما يذكرنا بأننا لسنا كاملين ، بل ضعفاء ، وأنانيون ، وحمقى أحيانا ، وخطائون غالباً ، ونحتاج دائما إلى نفحات من الشعور الحبي لنتغلب على حيوانيتنا ، أو على الأقل لنتمكن من التحكم بالجانب المظلم من شخصياتنا ، ونقلل من أذانا وظلمنا لأنفسنا وللآخرين . الحب لا يطلب أي شيء مقابله . إنه يعطي ولا يأخذ ، بل لا يريد شيئا مقابل عطائه ، لأنه يؤمن بالعطاء من أجل العطاء ومن أجل إسعاد الآخرين ، وليس من أجل مكافئة أو جائزة أو مكاسب شخصية !!

لا يوجد تعريف موحد لمعنى الإهتمام والحب ، ولهذا فإن كل فرد في هذا العالم يمكن أن يفهمهما بطريقته الخاصة ، ويشعر بوجودهما بحسه ، ويتمتع بهما بطريقته الخاصة ، وإن كل فرد في ممارسته لحبه مصيب ، لأن الحب منبع خير لا ينضب ، والاهتمام لا يسيء ولا يخطىء أبدا !!

وحتى يكون الإنسان محبا وإيثاريا ، لا بد له أن يكون قادراً على تبادل مشاعر الاحترام مع الآخرين ، وأن يكون مثالا يقتدي به الآخرون ، وأن يقوم بعمل كل ما يراه جيداً لحياته وحياة الآخرين ، وأن يفكر في مصالح وحاجات من حوله ، وأن يبادر دائما بالخير ويحارب الشر ، وأن يحب كل ما تقع عليه عينه ، وأن يحب نفسه ويعتز بها ، وأن يحب الآخرين ليكون محبوباً . الحب فرصة عظيمة لا تضيع ، يحصل عليها الإنسان ليصبح أفضل وأرقى وأكثر ، وما مقالي الا دعوة لحضراتكم لإشاعة الحب في المجتمع بين بني البشر ، بل وبينهم وبين سائر من حولهم !!

فاللهم امنح قلوبنا القدرة علي الحب ، وزين الإهتمام في أعيننا حتي نهتم بذوي القربي أولا ، ثم بعد ذلك مما يستوجب علينا الإهتمام بهم ، وافتح اللهم لنا خزائن المحبة حتي نحب من يحمل لنا الضغينة والكراهية ، حتي يكون حبنا لهم سبباً في تغير مشاعرهم تجاهنا ، ولا تضن علينا اللهم أن تنزع الغل من قلوب من يكرهونا ، حتي ننعم انئذ بالحب والمعيشة بلا كدر ، إنك سميع الرجاء مجيب الدعاء