الكاتب الكبير سمير المدبولى يكتب : حوار مع صديق عائد من بلد الثقافة والذوق الرفيع....والتقي ليلا بصديق


بادرني سائلا... عن اخر كتاب قرأته.
فأجاب صديقه اتهزأ بي..
لا تتحدث مع جائعي البطون عن كتاب.بل اسألني عن الأهم ..عن عملي وراتبي وحوائجي وعجزي عن توفير متطلبات بيتي اليومية ومساكل المواصلات والزحام والاختناق واختفاء رصيف المشاة وحرارة الجو وزيادة الحرارة وضيق الروح ومتطلبات الصغار قبل الكبار.
حدثني عن ثرثرة الجميع...واختفاء مصاطب الفلاحين..والهجرة للمدينة وارتفاع أسعار الشقق وكثرة العوانث وازدياد حالات الطلاق...وموت الفجأة الذي يرعب الجميع...
حدثني عن ثرثرة الجميع ...وتوقف الحوار بين المتزوجين...واحتدام النقاش في أبسط الامور؟والمشاكل المادية التي أنتشرت والتي يعاني منها الجميع..
عن اي كتاب تتحدث أنه لغة المترفين.
فهل تري مواطن يجلس وسط الزحام داخل المواصلات العامة يقرأ كتاب اللهم إلا فئة يعرفها الناس الذين لا يحلوا لهم القراءة الا وسط الزحام في إشارة لا يفهمها غيرهم...ويميزون أنفسهم بها علي أنهم متديين
الناس تعيش في وادي ضاق بهم اسمه وادي العوز والاحتياج.
وانت تتحدث عن قراءة كتاب ..
حتي قيمة الكتاب الذي تتحدث عنه بعيد المنال وافضل منه شراء فاكهة أو عصير للاطفال....
ياصاحبي الناس هنا لا يقرأون..فقط يتجادلون يصرخون يتوجعون يتألمون
ياصاحبي؟.اخشي أن اسألك من اين جئت وانا اعلم من اين انت..فأنت صديقي العائد الذي ينتظره الجميع ليمنحهم هدية أو زجاجة عطر لم تعد اليوم في متناول الجميع....
انت عاىد من بلاد الفرنجة...بلاد تقدس القراءة عنوانها كتاب لكل صغير ..
انت هنا حيث هجرنا كل كتاب كان متاح اليوم ثمنه لا يقدر عليه البسيط...زمن تغيرت معالمه وأصبح كل شئ فيه مستحيل..
ياصاحبي ..اترافقني ضيف في منزلي..ام تصحبك السلامة وتعود الي المطار لتلحق بهدوء أو تقرأ كتاب....