الجمعة 18 يوليو 2025 12:40 صـ
الجارديان المصرية

رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير عبد النبى عبد الستار

الشارع السياسي

المحلل السياسي محمد الشافعى يكتب : الأزمة السورية: صراع داخلي وتدخل إسرائيلي وغياب للوحدة العربية

الكاتب والمحلل السياسي محمد الشافعى
الكاتب والمحلل السياسي محمد الشافعى

مشهد معقد من الصراعات المتداخلة

تشهد سوريا في الآونة الأخيرة تطورات بالغة التعقيد، تجمع بين الصراع الداخلي في محافظة السويداء ذات الأغلبية الدرزية، والضربات الإسرائيلية المتكررة التي استهدفت مؤخراً العاصمة دمشق والقصر الجمهوري.

هذا المشهد يطرح تساؤلات عديدة حول طبيعة التحولات السياسية والأمنية في سوريا، ودور القوى الإقليمية والدولية في تأجيج أو احتواء هذه الأزمات.

** الصراع في السويداء: جذور الأزمة وتداعياتها

اندلعت اشتباكات عنيفة في محافظة السويداء بين القوات الحكومية السورية ومجموعات مسلحة درزية، إلى جانب صدامات بين الدروز وعشائر بدوية. وقد أسفرت هذه الاشتباكات عن:

* مقتل ما لا يقل عن 100 شخص وفقاً لبعض المصادر ، بينما تشير تقديرات أخرى إلى أن الحصيلة تجاوزت 200 قتيل

*إصابة العشرات ونزوح العديد من المدنيين

*تدمير ممتلكات وبنى تحتية في المنطقة

**ماهى أسباب الصراع السورى السورى

1- أسباب داخلية .. تتعلق بغياب سلطة الدولة وضعف المؤسسات الأمنية في المحافظة منذ سقوط نظام بشار الأسد ، إضافة إلى النزاعات بين المكونات المحلية حول السلطة والموارد.

2- انقسامات داخل الطائفة الدرزية .. بين مؤيد للتدخل الحكومي ورافض له، حيث أيدت بعض المرجعيات الدينية دخول القوات الحكومية بينما عارضه آخرون مثل الشيخ حكمت الهجري الذي دعا إلى "التصدي للحملة البربرية بكل الوسائل المتاحة" .

3- تدخلات خارجية .. حيث اتهمت الحكومة السورية إسرائيل بدعم مجموعات مسلحة في المنطقة .

** الضربات الإسرائيلية على دمشق توقيت مشبوه ودوائر التصعيد

في تطور مفاجئ، شن الجيش الإسرائيلي ضربات على العاصمة دمشق استهدفت مدخل مقر قيادة القوات المسلحة السوريةو القصر الجمهورى " قصر الشعب " بدمشق ، وجاء هذا الهجوم بعد ساعات فقط من تهديد وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس بتكثيف الهجمات إذا لم تنسحب القوات السورية من السويداء .

** دوافع الضربات الإسرائيلية

1 *الذرائع المعلنة .. زعمت إسرائيل أن تدخلها يأتي لحماية الدروز في سوريا، مستندة إلى ما وصفته بـرابطة الأخوة العميقة مع مواطنيها الدروز

*الأجندة الأمنية .. ادعت إسرائيل أن نشر القوات السورية في السويداء يمثل انتهاكاً لسياسة نزع السلاح في جنوب سوريا .

*التوقيت الاستراتيجي .. جاءت الضربات في لحظة حرجة تشهد فيها سوريا اضطرابات داخلية، مما يدفعنا إلى وصف التوقيت بأنه "مشبوه" يهدف إلى زعزعة الاستقرار .

** المفارقة الأمريكية .. بين دعوات السلام والضربات الإسرائيلية

تزداد الأمور غرابة عند النظر إلى التقارب الأخير بين سوريا من جهة وإسرائيل والولايات المتحدة من جهة أخرى، والذي كان يوحي بإمكانية تحقيق سلام أو تطبيع. فكيف نفسر هذا التحول المفاجئ؟

- خلفية التقارب.. شهدت الفترة السابقة تحسناً في العلاقات بعد رفع الولايات المتحدة بعض العقوبات عن سوريا ، مما أثار توقعات بتحسن الأوضاع.

- السياسة الأمريكية المزدوجة .. يرى مراقبون أن ما حدث هو "الخدعة الأمريكية المعتادة" في المنطقة، حيث يتم الترويج للسلام بينما تستمر الهجمات .

- السياق الإقليمي .. ونرى أن الهجمات الإسرائيلية جرت بالتنسيق مع الجانب الأمريكي ، مما يعزز الشكوك حول النوايا الحقيقية.

** ردود الأفعال العربية والدولية .. صمت مريب وتواطؤ محتمل

فيما تشتعل الأحداث في سوريا، تبقى ردود الأفعال العربية والدولية دون المستوى المطلوب..

• الموقف العربي .. غياب أي موقف عربي موحد أو فاعل، مما يعكس مرة أخرى أزمة الوحدة العربية .

• الموقف الدولي.. تقاعس المجتمع الدولي عن اتخاذ أي إجراءات جدية لوقف التصعيد، باستثناء بعض البيانات الدبلوماسية الخجولة.

• تضارب المصالح .. يبدو أن المصالح الجيوسياسية للقوى الكبرى تغلب على اعتبارات حقوق الإنسان والاستقرار الإقليمي ، فأين دور ايران فى سوريا وأين دور روسيا فى سورية .

**الوحدة العربية غائبة: متى يتحد العرب؟

في خضم هذه الأحداث، يعود السؤال القديم الجديد: متى يتحد العرب؟ الواقع يشير إلى ..

( تشرذم مزمن ) .. تعاني الأمة العربية من انقسامات عميقة تجعلها عاجزة عن مواجهة التحديات المشتركة .

( غياب الرؤية الاستراتيجية ) .. لا توجد رؤية عربية موحدة للتعامل مع الأزمات الإقليمية مثل الأزمة السورية.

( الهيمنة الخارجية ) .. تستغل القوى الدولية انقسامات العرب لتعزيز نفوذها في المنطقة.

أحداث في سوريا تقدم نموذجاً صارخاً لتعقيدات المشهد السياسي في المنطقة، حيث تتداخل العوامل الداخلية مع التدخلات الخارجية، وتختلط الأجندات المحلية بالإقليمية والدولية. في ظل هذا المشهد، تبرز الحاجة إلى:

( حلول سياسية داخلية - موقف عربي موحد - ضغوط دولية حقيقية ضد التدخلات الخارجية )

الطريق إلى السلام في سوريا والمنطقة يبقى طويلاً وشائكاً، لكنه يبدأ بالاعتراف بالحقوق المشروعة لجميع المكونات، ورفض سياسة التدخل والهيمنة الخارجية. السؤال الذي يبقى معلقاً: هل ستتعلم النخب العربية من دروس الماضي، أم ستستمر في تكرار نفس السيناريوهات المؤلمة؟

الأزمة السورية: صراع داخلي وتدخل إسرائيلي وغياب للوحدة العربية محمد الشافعى الجارديان المصرية