الكاتب الصحفي إسماعيل أبو الهيثم يكتب: المتميزون بين الخسوف والتسليع !!


ليس القمر وحده من يستسلم ذات ليلة موحشة تحت وطأة الخسوف ، لأن كثير من المميزين يطالهم هم الآخرين نوع نادر من الخسوف حين تضعهم اقدارهم تحت تقييم رئيس حاقد أو كاره أو غير هاضم لهم .
اعرف كثير من أناس أمضوا حياتهم الوظيفية بدرجة نشاط وهمه عالية للغاية ، سجلوا أسماءهم في سجلات المبدعين عن جدارة واستحفاق ، نجحوا واستمتعوا بنجاحاتهم ، أناس وضعوا لأنفسهم خريطة طريق قمته رئاسة وظيفية ، حقيبة وزارية ، منصب دولي مرموق ،. ومتي كانت الطموحات آثمة !!؟
تدثروا بجانب الإلتزام الوظيفي ،والتميز العملي بخصال حميدة شهد لهم بها الأعداء قبل الأصدقاء ، مثل حب التعاون واحترام قدرات الآخرين ، وعدم الاستطالة.عليهم ، وعدم استغلال قربهم من أذن الراعي ( الرئيس ) في الإضرار بأحد أو التقليل من مجتهد ، بعدوا كل البعد عن أن يوجه إليهم يوما عتب أو لوم باعتبار ذلك يعد نقصا في حقهم ، التزموا الوقار والأناقة السمتية والخلفية واللفظية .
كانوا يقرأون ماهو خلف السطور ، ويفكرون فيما هو خارج الصندوق ، يأتون بعظيم الأفكار ، ويبذلون قصاري الجهد ، كانوا مجموعة من المهارات والقدرات التي تسمح لهم بإدارة أنفسهم بمهارة مع وعي بوجود آخرين . لكن ، وآه من لكن !! كانت تنقصهم مهارات التزلف والفهلوة واستعطاف الرؤساء والضحك عليهم ، ومن ثم صداقتهم والغنيمة منهم بكل ميزة أو ترقي ، ساعدهم في ذلك ضعف الرؤساء ، وعفن أخلاقهم ، وأحياناً كثيرة الغيرة من قبل هؤلاء الرؤساء من المميزين ، وعندئذ تتلاقي الرغبات وتتازر الجهود في تقديم النماذج العطبة إلي عجلات القيادة ومنصات التتويج ولعمري ، إن هذا لهو النذر الأولي في إضعاف الكيان الوظيفي..ويحدثك بذلك خبير !!
وأمام هذا النمط الإداري القميء يتمني هؤلاء المميزين لو أنهم خرجوا علي المعاش علهم يجدوا بيئة أكثر نقاء ، وتربة أكثر خصوبة لنمو الأفكار والمقترحات ، واجواء تحتفي بالتميز !!
إلا ، وآه من إلا ، من كان في الأولى قليل الحظ فهو في الثانية أقل حظا ،، فهم خرجوا من عالم كان يسوده الكذب البواح والحقد الصراح ، والغيرة التي تأكل القلوب ، والحسد الذي يحرق الصدور والأحشاء ، وقصر النظر المميت ، إلي عالم يمكن أن يطلق عليه عالم ( تسليع الإنسان) اي عالم ينظر إلي الإنسان كسلعة في سوق العرض والطلب الذي يحدد أسعار صرفها !!
ولعمري ، فإنه لا يغتال الكرامة الإنسانية شيء مثل أن توزن قيمة الإنسان بإمكاناته المادية ، ولا يعيق مبدأ تكافؤ الفرص شيء مثل أن يقدر حق الكائن البشري في الحياة بحسب ما يمتلك من أرصدة ، فتمنح الحياة فرصها لمن يدفع أكثر.!!
وما بين عالم الوظيفة بموبقاته الإدارية والتي تجعل
أرضها تضيق بما رحُبت على أشياء، وتنبسط طلاقةً ورحابةً بأشياء أخري ، وعلى إيقاع المتضادتين تتفسخ أواصر العدل من جانب، وتستقيم أركان الظلم من جانب آخر وعالم المعاش بضعوطه المالية ، يجد هؤلاء المميزين أنفسهم في العراء ، لا طالوا بتميزهم عنب اليمن ولا تمر المدينة ( إن صحت المقولة )
ويوم بعد يوم بقربهم العراء إلي مدار الخسوف بما استحقوا عن تميزهم وفشلهم الذريع في استمالة أولي الأمر الوظيفي .
دعونا نتعرف بوجود شقاق دائب بين التميز العلمي والترقي الوظيفي ، في حين تتآخى الفهلوة والرقص في بلوغ أكثر المناصب أهمية وتخصصا !!
كأني أرى لهذه المتضادة تصوراً يمضي في اتجاه النشوز والشقاق، بين كل معايير التميز والنباهة المأمولة وقيادات الحاضر المشهود .
والمجابهة الحثيثة لديمومة الوفاق بين التميز الوظيفي وبلوغ منصات التتويج وعجلات القيادة ، تحتاج إلي ثورة إدارية مدعمة بكل الجهود استئصالا لشأفة المحاباه وتقديم أهل الثقة علي أصحاب الكفاءات.
تبقي كلمة :
إلي متي سيظل حبل الوفاق مقطوعا بين حملة الأفكار النهضوية والمواقع القيادية.!؟ فيما يبقى ممدودا موثوقا ، بين أهل الثقة باختلاف أشكالها وأنماطها.
سؤال : كم من ما يسمون بأهل الثقة ألحقوا بالجهاز الإداري عاراً وشناراً !!؟