حسين السمنودى يكتب : أكذوبة الجيش الذي لايقهر
الجارديان المصريةحرب أكتوبر 1973، التي عُرفت أيضًا بحرب العاشر من رمضان، تعد من أعظم الحروب التي خاضتها الأمة العربية في تاريخها الحديث. هذه الحرب لم تكن مجرد معركة بين جيشين، بل كانت محطة فاصلة أثبتت أن "الجيش الذي لا يُقهر" يمكن هزيمته عندما يتحد الإيمان بالقوة والعزيمة مع التخطيط الدقيق والشجاعة.
الجيش الذي لا يُقهر: إسرائيل، منذ تأسيسها عام 1948 وحتى حرب 1967، رسخت صورة الجيش الإسرائيلي كقوة عسكرية لا تُقهر في أذهان كثيرين، سواء في العالم العربي أو على المستوى العالمي. في حرب 1967، تمكنت إسرائيل من تحقيق انتصارات سريعة ومدمرة على الجيوش العربية خلال ستة أيام فقط، واستولت على أراضٍ عربية واسعة، بما فيها شبه جزيرة سيناء والجولان والضفة الغربية. هذه الهزيمة القاسية تركت أثراً نفسياً عميقاً لدى العرب، ورسخت صورة "الجيش الذي لا يُقهر" في أذهان كثيرين.
إعادة البناء والاستعداد: لكن، بعد هزيمة 1967، لم يستسلم الجيش المصري ولا القيادة السياسية المصرية بقيادة الرئيس جمال عبد الناصر، ومن بعده الرئيس أنور السادات. بدأت مصر في عملية إعادة بناء قواتها المسلحة، وتطوير استراتيجياتها العسكرية بشكل يركز على استعادة الكرامة الوطنية واسترداد الأراضي المحتلة. في هذه الفترة، تم إعداد خطة دقيقة لتحرير سيناء، تمثلت في الجمع بين عنصر المفاجأة والتخطيط الدقيق مع الدعم العربي المالي والسياسي.
حرب أكتوبر 1973: في السادس من أكتوبر 1973، الموافق للعاشر من رمضان، انطلقت الهجمات المصرية والسورية على إسرائيل بشكل متزامن. بدأت القوات المصرية بعبور قناة السويس، مُحطمةً خط بارليف الذي كان يعتبر حصناً منيعا أمام أي هجوم مصري. بهذا العبور البطولي، نجح الجيش المصري في قهر الجيش الإسرائيلي الذي كان قد ظن أنه لا يُهزم، وأثبت أن الإعداد الجيد والإيمان بالقضية قادران على تحطيم أسطورة "الجيش الذي لا يُقهر".
العبور تم بفضل سلسلة من العمليات العسكرية المعقدة التي شملت التنسيق بين القوات الجوية والبرية والهندسية. استطاع الجيش المصري تجاوز العديد من العقبات الصعبة، ومنها الساتر الترابي الضخم الذي كان يُعد إحدى أهم التحصينات الدفاعية الإسرائيلية. كما تمكنت القوات السورية من الهجوم على هضبة الجولان، مُحرزة تقدمًا في الأيام الأولى للحرب.
تأثير الحرب: أدت حرب أكتوبر إلى تغيير موازين القوى في الشرق الأوسط. لأول مرة، يشعر الإسرائيليون بالخطر الوجودي الحقيقي، وتنهار الثقة المطلقة بقدرة جيشهم على الانتصار بسهولة في كل معركة. في الوقت نفسه، استعاد العرب ثقتهم بأنفسهم وبقدرتهم على تحدي الاحتلال واستعادة حقوقهم.
النتيجة: على الرغم من أن الحرب انتهت بتدخلات دولية، إلا أن ما تحقق من إنجازات عسكرية وسياسية كان له أثر طويل الأمد. مهدت الحرب الطريق لاتفاقيات السلام فيما بعد، خاصة اتفاقية كامب ديفيد التي جاءت كنتيجة مباشرة لتحطيم أسطورة "الجيش الذي لا يُقهر".
في النهاية، أثبتت حرب أكتوبر أن الإعداد الجيد، والتحفيز الوطني، والدعم العربي، يمكن أن يقهر الجيش الذي ظن نفسه لا يُهزم. لقد كانت رسالة قوية للعالم أن القوة لا تأتي فقط من السلاح، بل من الإرادة والقدرة على التحدي.