طارق محمد حسين يكتب : أسد الصاعقة .أمير الشهداء ( ابراهيم الرفاعي)


في كل امة رجال أضاءوا انفسهم شموعا لتنير لأوطانهم الطريق ، علي رأس هؤلاء يقف منفردا متفردا الشهيد العميد ( ابراهيم الرفاعي) يقف وحيدا شامخا علي قمة مجد العسكرية المصرية، ونحن نسترجع بطولات حرب أكتوبر وما قبلها من معارك وحروب ، لا يمكن أن تخطئ الذاكرة او تسقط بطلا من أبطال جيشنا المصري البطل الشهيد ( ابراهيم الرفاعي) قائد ومؤسس الفرقة ٣٩ صاعقة المشهورة بالعمليات الانتحارية والاستثنائية ضد العدو الإسرائيلي ، هذا البطل الذي ضرب اروع الأمثلة في الشجاعة والفداء في ميادين القتال ، فعندما حدث العدوان الثلاثي على مصر عام ٥٦ تطوع الضابط ابراهيم الرفاعي ليقود احدي المجموعات الفدائية ، التي أرعبت القوات الغازية في ( بور سعيد) وظل يقاتل بها حتي انسحاب القوات الغازية ،اما عملياته في سيناء ،فقد قام بتنفيذ ٧٢ عملية انتحارية خلف خطوط العدو في الفترة بين ٦٧و ١٩٧٣ ، بسالة وشجاعة المجموعة (٣٩) صاعقة وقائدها الرفاعي لا حصر لها ، حتي اطلق عليها الجيش الإسرائيلي في تحقيقاته فيما بعد ( مجموعة الأشباح)، فعلي سبيل المثال لا الحصر قامت المجموعة بقيادة قائدها ( الرفاعي) بعبور القناة واحتلال الموقع الذي أطلقت منه القذائف التي أصابت الشهيد عبد المنعم رياض، وأبادوا ٤٤جنديا إسرائيليا كانوا بداخله ، وأثناء فترة احتلال سيناء لم يعترف الرفاعي بالهزيمة في ١٩٦٧ ويصمم علي استمرار القتال ، بعد ان تم تغيير اسم مجموعته الي منظمة سيناء العربية ، وضم إليه بعض المدنيين لتكون جماعة فدائية ، وقام بتنفيذ عمليات نشرت الرعب والفزع بين قوات العدو الصهيوني، إنه الرفاعي يضرب في كل مكان وزمان يهاجم العدو في منطقة رأس محمد، شرم الشيخ، رأس نصراني ، ميناء إيلات ، الطور ، بلاعيم ، ويوقع بالعدو خسائر فادحة في الارواح والمعدات ، وتكون لعملياته هو ورجاله أكبر الأثر في رفع الروح المعنوية للجنود المصريين ، وعندما قامت حرب اكتوبر قامت المجموعة (٣٩) صاعقة بقيادة الرفاعي بالقتال علي ارض سيناء في كل اتجاه ، بإيقاع وسرعة وقوة وعزيمة أذهلت العدو، والتي قُدر لأفرادها ان تكون أعمالهم القتالية في فترة صعبة واستثنائية، عن هذه الظروف و الصعاب التي كثيراً ما التقاها أمير الشهداء وهو شامخ .. حتى بدا في كل لحظة صلباً متماسكاً أمام أعتى المواقف وأكثرها شراسة ، إنه ليس مجرد سرد بطولات و لكنه خليطاً من البطولة والشعور بشتى أنواعه من حزن وألم وارتياح وفخر وحماسة ومسئولية ، فهو يعرف قدرات رجاله لتسديد الضربة تلو الضربة ، والوصول إلى هدفه ، علمه اقتحام الليل والعبور إلى الأرض المحتلة ألا تهتز أعصابه ، المفاجأة لا ترهبه ، والمجهول لا يخيفه ، لكنه دائماً يود ان يعرف لكي يحدد موقع الخطوة التالية ، فكل هدف يخطط له ، يكره الصدفة التي تنوب عنه في إنجاز عمل ما ، نعم يمقتها لأنها تدفع بالشظية في الاتجاه الذى تحدده ، وليس الذي يقدره هو ، كان في مقدمة المقاتلين ومجابهة الأخطار وآخر من يغادر الموقع ،( في الهجوم هو الحرف الأول وفى العودة هو اللفظ الأخير. لحظة الاشتباك تسبق طلقته كل الطلقات) ، يفضل الذهاب إلى العدو ومحاربته أفضل من البقاء في انتظاره ، ومعه رجال حملوا على عاتقهم أن يجابهوا العدو في تحصيناته ، فهم يجابهون الموت بأنفسهم ، أبطال يستحقون التوقف أمامهم كثيرا ، الاستياء والظلم أن تطمس سيرة الابطال ،إننا الآن ما أحوجنا إلى النبش في سيرتهم جميعاً . شهداء مصر وابطالها وكل من زاد عنها ،، في حاجة أن تعرف الاجيال أن تلك الأرض لم يكن ثمن استردادها بخس ، إنما دفع لأجلها أثمان غالية ، أرواح ودماء عشرات الألاف من الشهداء والمصابين ، شبابنا في حاجة إلى القدوة التي تاهت منا في زمن تركنا فيه الرفاعي وامثاله ، وسيرة الآلاف من الابطال ، وتجاهلنا فيه تضحياتهم ، ففقدت البطولة معناها وتبدلت ملامحها وأصبحت قاصرة على هدف في مرمى أو حرق علم الدولة المعادية ! ، وصعد على قمة الاهتمام والترند من ليسوا أهلاً له ، إن البحث في سيرة الابطال ليس جريمة ولكن الجرم أننا تجاهلنا سيرتهم ، فخرجت علينا اجيال لا تعرف من أكتوبر والاستنزاف إلا بعض مشاهد أفلام السينما ، كان النبش في سيرتهم ضرورة نستعيد فيها ملامح الوطن وقيمة ترابه ، وكان ابراهيم الرفاعي علي ٦موعد مع الشهادة حين أصيب يوم ١٨ أكتوبر ١٩٧٣ في احدي المواقع أثر إصابته بقذيفة ، فكان استشهاده اروع خاتمة لبطل عظيم ، لقد استردت السماء وديعتها ، ومنحه الله ارفع وارقي الأوسمة وسام الشهادة ، بعد ان أدي دوره في خدمة وطنه مدافعا عن ترابه ، حصل علي ١٢ وساما عسكريا تقديرا لشجاعته، ان مثل ( ابراهيم الرفاعي) وغيره كثيرين من الابطال هم من يستحقون أن تنشر بطولاتهم وتدرس لأبنائنا من الأجيال الصاعدة ،فما أحوجنا لأن نتخذ منهم القدوة والمثل ، تحية لكل شهيد سقط دفاعا عن الوطن في كل ميادين القتال ومحاربة الإرهاب .