الجمعة 28 مارس 2025 05:47 مـ
الجارديان المصرية

رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير عبد النبى عبد الستار

مقالات

خالد درة يكتب : بالعقل أقول ...( ترامب يبحث عن حلفاء جدد .. بعد وصفه لأوروبا بالمريضة ... )

الكاتب الكبير خالد درة
الكاتب الكبير خالد درة

لا يزال ترامب الرئيس الأمريكي منذ توليه منصبه في يناير الماضي تريند الإعلام و منصات التواصل الإجتماعي كافة بأفعاله و أقواله و تصريحاته .. حيث يعمل ترامب على إعادة صياغة السياسة الخارجية الأميركية ، حتى أن وزير خارجيته ، ماركو روبيو ، لا تعبر تصريحاته عن لغة ديبلوماسية ، بقدر ما تُظهره مجرد مبعوث لترامب يقوم بنقل كلامه بشكل منضبط تماماً!..

والعمل تحت الضغط أو الخضوع بالقوة ، هو عنوان سياسة ترامب الذي وضع تفسيراً عملياً لمسألة "فك الارتباط" إزاء الشرق الأوسط ، فإن تم تفسيرها سابقاً بأن أميركا ستغادر المنطقة بعدما بات وجودها يعمل في خدمة منافسيها لحماية نفطهم وطاقتهم ، أعاد ترامب صوغ ذلك على أسس لا تتعلق بالشراكة السياسية والعلاقات الدولية ، وإنما على أساس تشكيل جبهة من الحلفاء في خدمة الاقتصاد الأميركي الذي يواجه أخطار تحالفات اقتصادية ناشئة مثل منظمة شنغهاي ومجموعة بريكس .. لذلك لجأ إلى سلاح التهديد والضغط ، وعبّر صراحةً أنه يريد "فرط عقد" مجموعة بريكس ، قائلاً : "لقد حاولوا تدمير الدولار الأميركي بخلق عملة جديدة ... و أي دولة ستتحدث عن تدمير الدولار سنفرض عليها رسوماً جمركية بنسبة 150%.. أين دول بريكس ، ماذا حدث لها ، لم نسمع منها أي شئ مجدداً؟"..

ترامب يستخدم هراوة التهديد ليضع الجميع و بينهم حلفاؤه تحت ضغط يدفعهم للاستجابة إلى مطالبه ، و هو ما ترجمه سلوكه حيال حرب أوكرانيا التي تشغل بال الأوروبيين ، حتى بدا تعامله مع تلك الأزمة من أجل "أميركا أولاً" لا أوروبا .. وبدا أن الرئيس الذي ساحة حربه وسلاحها هي الاقتصاد ، فبدأ يستغل الأزمة الأوكرانية من أجل تحييد روسيا التي هي عضو مهم في بريكس ، والتي تفاخر رئيسها بوتين بإعلان العملة الموحدة لتلك المجموعة التي تضم قوى اقتصادية تجمع بين الشمال والجنوب ..

و يعمل ترامب على إعادة صياغة السياسة الخارجية الأميركية ، حتى أن وزير خارجيته ماركو روبيو ، لا تعبر تصريحاته عن لغة ديبلوماسية ، بقدر ما تُظهره مجرد مبعوث لترامب يقوم بنقل كلامه بشكل منضبط تماماً! .. فقد قال بشأن إيران : "يمكن إنهاء حكم نظامها ، لكن ترامب يفضل عدم حدوث ذلك ؛ لأنه يحب السلام ، ولن تكون هناك إيران نووية طوال رئاسته"..

ويكشف هذا أن ترامب ، حالياً ، لا يشغله نظام طهران؛ بل يركز على إعادة بناء حلفاء جدد في المنطقة التي تحيط بالمنافس الاقتصادي للهيمنة الأميركية في العالم ، وهي الصين ، ويريد مشاركة ضفتي الخليج في استراتيجيته تلك .. لذلك هو يضع طهران بين مسارين : إما أن تتورط في حرب و إما أن تكون حليفاً استراتيجياً لأميركا ، و التوقيع على اتفاق شامل أو مواجهة القصف الإسرائيلي! .. فهو لا يريد أن يمنحها حرية إدارة الوقت حتى لا تمارس معه صبرها ، وتضيع عليه سنوات ولايته! .. فهو يستعجل إنهاء الحروب تحت ضغط التهديد من أجل الانتقال إلى مرحلة جديدة يكون فيها أعداء الأمس حلفاء اليوم ، وذلك من أجل إنشاء حزام يمتد من الشرق الأوسط إلى آسيا الوسطى ، و من روسيا إلى شرق آسيا بهدف احتواء الصين .. لذلك عندما تركز إدارته على ملف إيران ومعالجة تهديداتها النووية والصاروخية ونفوذها الإقليمي ، وكذلك على استكمال المسار الإبراهيمي ، وأيضاً على هندسة سوق الطاقة ؛ فإن هدفها أن يتفرغ الجميع لخدمة تلك الاستراتيجية ..

وعملياً ، يدرك ترامب أن أوروبا دخلت مرحلة "الرجل المريض"، لذلك يحتاج إلى حلفاء جدد في بناء نظامه الجديد الذي يتجاوز عصر السياسة والجغرافيا وموارد الطاقة ، فمنحه السعودية دوراً في محادثات حل الأزمة الأوكرانية وضغطه على زيلينسكي لمصلحة بوتين؛ يعنيان أن نظامه الجديد يعمل على تحويل المنافسين إلى شركاء في خدمة استراتيجيته .. فإن كان وزير خارجية روسيا يزور إيران ، وقبله زارها أمير قطر ، ونتنياهو هدد بقصف منشآتها النووية ، وطهران هددت بالوعد الصادق-3، وتجري مناورات عسكرية جديدة ، والمقاتلة الروسية سو-57 هبطت للتزود بالوقود في إيران ، والرئيس الإيراني قال: "مستعدون للتفاوض لكن ليس على أساس التهديد"، فإن كل هذه التحركات تعني أن العلاقة بين واشنطن وطهران لا تزال في مرحلة صياغة طبيعة الشراكة لا طبيعة الأعداء!.