شبراوى خاطر يكتب : حال العرب ...قصة المفترس والفريسة.


رحمة الله على عمنا "محمود بيرم التونسي" الشاعر الشعبي العظيم، فلو أنه علم أنني سوف استشهد بكلمات كتبها منذ ما يقرب من ثمانين عاماً وشَدَت بها كوكب الشرق "أم كلثوم"، لكي أعلق على حال أغنامنا الحقيقيين، في عصرنا هذا، لمات مرة أخرى قهراً وحزناً.
فعمنا بيرم يبدأ بإلقاء التحية:
سلام الله على الحاضرين من الصاحيين إلى النايمين
لكل مقام سلام و كلام
سلام الله على الأغنام
ثم يحكي قصته:
رعينا الغنم و سقناها
وكام بالعصا ضربناها
لقينا الغنم تحب الطرب
ولو تنشتم ولو تنضرب
فلا فحلها قليل الأدب
ولا كبشها سريع الغضب
ثم ينسحب بعد أن يبدي الندم:
سلام الله على الأغنام
ابوس القدم و ابدى الندم
على غلطتى فى حق الغنم
و خلينا بعيد بعيد بعيد أسلم
فمن أغنامنا أستلهم قصة "المفترس والفريسة"
ولكن الذي جعلني في حالة من الإثارة بشكل أكبر.. متابعة ما يدور في أذهان الناس وما ينعكس من بعضه في وسائل التواصل الاجتماعي عن احوال العرب، خاصة بعد كل زيارة يقوم بها "الذئب البرتقالي" الى دول الخليج. ثم يعود محمّل بأموالهم بعد أن يشهد ويستمتع برقصات شعور نسائهم في الممر الشرفي، ويتلقى هداياهم الثمينة من طائرات وأقلام مرصعة وحتى النمور النادرة، ويروّض حكامهم ويثني عليهم على الملأ، بينما يهددهم في الغرف المغلقة، وقبل أن يغادرهم، يطلب انضمامهم الى الدين الجديد، وإقامة مسجد بأسمه، ويأبى ألا يفعل، إلا بعد نثر بذور الفرقة بينهم. كما فعل في المرة الأولى.
وأساءل نفسي: هذه مصلحة "الذئب" وهو أدرى بها، فما هي مصلحة الغنم.؟
وأُجيبها: بأن الذئب اجتهد لرفع مستوى ذكائه بالعلم والتجربة لكي يستلب ثرواتهم بحجة حمايتهم، ويتركهم ينعمون بإشباع غرائز الشهوة والبطن والبقاء أحياء على مقاعد السلطة والسلطنة الحسية. ومن فرط ذكاؤه أنه أوعز اليهم أن هذا هو عين العقل، وفعل الحكمة ودليل الذكاء الفطري... والمتوارث من أباء الصحراء
"فالذئب البرتقالي" لا يعمل بمفرده، وإنما تحكمه سلوكيات وغرائز الصيد الجماعي، بالتعاون والذكاء. ولا يزال المفترسون يحيطون بنا ويتربصون من كل حدب وصوب، وكأننا نعود إلى عصر (سايكس-بيكو) منذ أكثر من مائة عام وبشكل عصري، يقوده الذئب الأعظم. مع جماعة الذئاب والثعالب الأخرى التي تتعاون معًا لاصطياد فرائس أكبر بكثير وأكثر. فالذئاب انتهازية. تختبر فرائسها، وتستشعر أي ضعف أو هشاشة من خلال الإشارات البصرية، وحتى السمع والشم، وهذه أدواتها في الدراسة ومناهجها في البحث. فإن الذئاب مفترسات تلجأ إلى التحمل والمطاردة. فهي تطارد فرائسها، لمسافات أبعد، ولزمن اطول، ولكن الغنم يفتقد تلك الميزة، فهي دائماَ قانعة بكونها مجرد لحم بلا مخالب وأنياب. تميل الى النفور بعيداً عن بعضها البعض خلافاً لما تقوله الحكمة القديمة بأن يد الله مع الجماعة.
وحسب ما تعلمنا في كتب الدراسية ونحن صغار في حكاية "مالك الحزين". فلقد تعلم الثعلب كيف يتغزل بالطائر المفغل، ويتحاور معه في مجلس أنس، والطائر فرحان جزل فخور بنفسه وحكمته. مما يجعله لا يرى إلا نفسه ولا يرى ما حوله ويغلق المجال أمام عينيه لكي ينقض عليه بهجمة واحدة ويهرسه بين فكيه بضربة واحدة.
ألم يحدث هذا ونقلته قنوات إعلام العالم؟
فالذئاب والثعالب من حولنا، درست وتعلمت بان خراف العرب يقولون مالا يفعلون، ويسمعون ولا يتعلمون، ويقرأون ولا يفقهون.
وعَلِمت الذئاب بأن الغنم دائماً ما يرددون لأنفسهم مقولات مثل: "إنما الَمَنعة في كنف الكثرة" و"السلامة في كنف القطيع" و
"السلامة مع الجماعة" وبعضهم كان اكثر وضوحاً لا يزال يقول
"إنما يأكل الذئب من الغنم القاصية."
والعجب أن تشبيهاتهم تصف حالهم فجاءت على أوصاف "الغنم والقطيع" حيث أن في ضمائرهم تكمن حقيقتهم.
إنما هم بعد أن أعزهم الله لسنوات قليلة، كانوا أكثر وفاءاً لماضيهم الغابر في الاستئناس بالفرقة، وما أسهل الوقيعة والتخوين بينهم، للسطو على بعضهم البعض،
عن الفريسة اتحدث:
فهذه قصة قديمة يتشاركها كلٌّ من المفترس والفريسة.