الخميس 14 أغسطس 2025 07:08 صـ
الجارديان المصرية

رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير عبد النبى عبد الستار

مقالات

طارق محمد حسين يكتب : نفحات من السيرة النبوية العطرة (١)

الكاتب الكبير طارق محمد حسين
الكاتب الكبير طارق محمد حسين

ستظل سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم هي الرصيد التاريخي الأول الذي تستمد منه الأجيال المتلاحقة من ورثة النبوة وحملة مشاعل العقيدة زاد مسيرها وعناصر بقائها وأصول امتدادها ، ونبدأ بجده عبد المطلب جد النبي الأول وعبد المطلب لقب وليس إسمه الحقيقي
أما إسمه { شيبة الحمد} ، فمن أين جاء إسم عبد المطلب ؟ ، أبوه أسمه هاشم كان سيد قريش وتزوج من يثرب
[ يثرب هي مايعرف الآن بالمدينة المنورة ، لما هاجر إليها النبي صلى الله عليه وسلم سماها ، المدينة المنورة ، وكان هاشم هو زعيم رحلتا الشتاء والصيف ، فكانوا في الصيف يسافروا بالتجارة لبلاد الشام وفي الشتاء يسافروا لليمن و هاشم من الأشراف . وكان من عادة الأشراف أن يأخذوا زوجاتهم معهم ،فلما خرج لرحلة الصيف إلى بلاد الشام ، وكان هاشم مصطحب زوجته معه وكانت قد حملت بعبد المطلب {شيبة الحمد } ، ولما وصلت يثرب جاءها المخاض وولدته ، فتركها هاشم عند أهلها وتابع رحلته إلى بلاد الشام للتجارة ، وأثناء رحلته توفي في مدينة غزة ودفن فيها ، وأصبح عبد المطلب يتيم الأب وتربى عند أخواله وإسمه بينهم { شيبة الحمد } ، فجاء من مكة عمه أخو أبوه ، هاشم وكان إسمه { المطلب} قال لأمه إبن أخي شيبة يجب عليه أن يلحق بقريش فإنهم أهله وقومه لأنه أصبح كبير وهو الآن غريب بين القوم .. ونحن أهل شرف في قومنا لا يجوز أن يبقى إبن أخي عندكم .. قالت أمه نخيّره ؟
فعندما سألوا شيبة الحمد قال :
بل ألحق بقومي [ مع أنه كان صغير بالعمر ،
الآن خرج عمه المطلب ومعه إبن أخيه شيبة إلى مكة ، لما وصلوا مكة ودخلها مع هذا الغلام الصغير .. قالت قريش المطلب أحضر معه عبد من العبيد [ اعتقدوا انه اشترى عبد جديد .. فظنوا أن شيبة عبد من العبيد قد اشتراه المطلب ] ،
فأصبحوا يقولوا { عبد … للمطلب }
قال لهم المطلب لا لا .. إنه شيبة إبن أخي .. فمشى الإسم عليه من أول دخوله مكة وصاروا يسموه عبد المطلب .. أما إسمه الحقيقي { شيبة الحمد } وعبد المطلب لقب ، أصبح شيبة الحمد { عبد المطلب } رجل كبير
وأصبح سيد قريش ، وكان له الشرف الكبير بين العرب وخاصةً عندما حفر بئر زمزم ، بئر زمزم كان مطمور بالتُراب منذ زمنٍ بعيد ، وكانت قريش تسمع عنهُ بالقصص القديمة ، إلى أن رأى عبد المطلب جدّ النبي صلى الله عليه وسلم رؤيا في منامهِ ،
رأى عبدالمطلب رؤيا تكررت معه أكثر من مرة ، شخص يأمره بحفر بئر زمزم عند الكعبة ، ويحدد له مكان الحفر ، وكان بئر زمزم قد دفن بالتراب بسبب فعل الزمن ، فلما أستيقظ من نومه ،أخذ يفكر بالرؤيا المتكررة ، ويتذكر قصص قديمة ، التي كانت تروى أنه على زمن اسماعيل عليه السلام ، عندما كان رضيعاً إنفجر بئر تحت قدميّ اسماعيل عليه السلام ، وأن أهل مكة دائماً يذكرون في مجالسهم ، أن هناك بئر في مكة مطمور لا يعرف مكانه ، وأن كل الآباء حفروا وبحثوا عن هذا البئر ، ولكنهم لم يجدوا هذا البئر المبارك زمزم ، فخرج عبد المطلب لقريش ، وقص عليهم الرؤيا التي رأها [ أي أن هناك مكان محدد يجب حفره يوجد تحته ماء زمزم ]،
فقالوا له : دلنا على ذلك المكان !!
فأشار لهم إلى ذلك المكان الذي عند الكعبة ، فرفضوا جميعاً أن يحفر في هذا المكان ، والسبب أن المكان الذي أشار إليه عبد المطلب يقع بين صنمين من الأصنام التي تعبدها قريش ، صنمٌ إسمه ( أساف) والآخر إسمه ( نائلة ) فحاول عبد المطلب أن يقنعهم ، ولكن رفضوا بشدة ، وكان عبد المطلب عنده ولد وحيد ، وهذا يعني في قريش أن ليس له عزوة ولا عشيرة ولا عصبية يدافعوا عنه ، وفي أيامهم ، كان كل شيء يمشي ويعتمد على القبائل والعصبية ،فحزن عبد المطلب حُزن شديد واعتصر قلبه من الألم ، ثم وقف عنِد باب الكعبة ، وقلبه يعتصر من القهر ونذر لله إن وهبتني عشرة من الأولاد الذكور ، وبلغوا مبلغ الرجال وأستطعت حفر بئر زمزم ، لأذبحنّ أحد أبنائي ، فلم يمضي عام إلا وقد ولدت زوجته الولد الثاني ، وكل عام تلِد ولد حتى صار عددهم { عشرة } وكبروا وأصبحوا رجال وعصبة ، وأصبح عبد المطلب صاحب عصبة وحمية في قريش ، فحفر بئر زمزم ولم يتجرأ أحد على منعه ، وخرج الماء ، فلما رأت قريش الماء فرحت فرحاً كبيراً ، بعملهِ هذا ،الآن أصبح عبد المطلب مُطالب بأن يوفي { نذره } وهو أن يذبح أحد أولاده العشرة عند باب الكعبة ، فجمع أولادهُ العشرة ، وأخبرهم عن نذرهِ لله أمام باب الكعبة ، وأنه يجب عليه أن يوفي نذره ، فقالوا له : يا أبانا .. ليس بوسعنا أن نقول لك ، إلا كما قال إسماعيلُ لأبيه !! ،
إفعل ما تؤمر ستجِدُني إن شاء الله من الصابرين ( أي افعل ما تُريد ، وماتراه مناسباً ) ، فماذا حدث حينها هذا ما سوف نشرحه في مقالنا التالي .

طارق محمد حسين نفحات من السيرة النبوية العطرة الجارديان المصرية