السبت 27 سبتمبر 2025 05:59 مـ
الجارديان المصرية

رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير عبد النبى عبد الستار

مقالات

وصفي هنرى يكتب من فيينا : جواز إيناس باطل

الكاتب الكبير وصفى هنرى
الكاتب الكبير وصفى هنرى


أثار خبر زواج المخرجة إيناس الدغيدي عاصفة من الهجوم والتعليقات، لم تقتصر على الانتقاد العابر بل تحولت إلى طوفان من الكراهية والازدراء لكل ما هو مبهج ومفرح في حياة إنسانة قررت ببساطة أن تحب وتتزوج ، أحزنني للغاية ضعفها واستسلامها للجماعير وزعماء طوفان الكراهية لكل ما هو مبهج فى حياتنا وقرارها بإلغاء حفل الزفاف وجعله قاصرا على الأسرة ، حتى الرقص لو في حفل تخرج يستحق الرجم لمن فرحت بنجاحها ، المزعج أن المشتمع أصبح يتصالح مع آلاف فيديوهات العنف في الشارع بالأسلحة البيضاء والشوم ، ومن مشاهداتي بات هذا المجتمع مخيفًا الذي يستكثر على سيدة أن تعيش حياتها وتحب وتتزوج وتفرح، ويرى أن أي امرأة كبرت في السن عليها الانزواء والاعتكاف في انتظار الموت.
إن ما جرى يكشف عن خلل عميق في ثقافتنا الاجتماعية ، الفرح لم يعد يُنظر إليه كحق طبيعي للإنسان ، بل صار يُعامل كجريمة، بينما يُترك العنف في الشوارع والبيوت وعلى المرأة على وجه الخصوص ،المرأة تُحاسب على تفاصيل حياتها أكثر مما يُحاسب الرجل، ويُفرض عليها أن تتحمل قوالب جاهزة من “الوقار” و”الاستحياء” و"الزي " كأنها فقدت صلاحيتها للحياة والبهجة.
المؤسف أن منصات التواصل الاجتماعي تضاعف من حجم هذا المناخ، إذ تكافئ الخوارزميات التعليقات الغاضبة والمهينة بمزيد من الانتشار ، فيُعاد إنتاج خطاب الكراهية بلا وعي ولا رحمة. وهكذا نصبح أسرى لثقافة لا تسامح فيها ولا قبول للآخر، بل لاحتفال جماعي بإذلال المختلف أو الخارج عن السرب.
المجتمعات التي تخاف من الفرح وتغضّ الطرف عن العنف مجتمعات مريضة للغاية وإذا كنا نريد لمستقبلنا أن يكون أكثر إنسانية ورحمة علينا أن ندافع عن حق الناس في أن يفرحوا ويحبوا ويتزوجوا ويرقصوا ويعيشوا بكرامة في أي سن ، القضية هنا لا تتعلق بإيناس الدغيدي وحدها، بل بكل إنسان تُصادر عليه أبسط حقوقه لأن الجمهور قرر أن يحكم عليه باسم الأخلاق أو العرف .
عودى يا إيناس عن قرارك واحتفلى بزواجك على الملأ وارجعى قوية كما كنتِ دائماً محاربة لطيور السواد .

88111303b5b8.jpg
وصفي هنرى فيينا: جواز إيناس باطل الجارديان المصرية