الأحد 28 سبتمبر 2025 07:22 مـ
الجارديان المصرية

رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير عبد النبى عبد الستار

مقالات

خالد درة يكتب من باريس : بالعقل أقول…( نوبل ترامب تبدأ من غزة...! )

الكاتب الكبير خالد درة
الكاتب الكبير خالد درة

رفع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون التحدي أمام الرئيس الأميركي دونالد ترامب. خاطبه مباشرة بأن الطريق إلى جائزة نوبل للسلام تمر بوقف الحرب في غزة ، و كأنه يشكك ضمناً بزعم الرئيس الجمهوري أنه أوقف فعلاً سبع حروب منذ عودته إلى البيت الأبيض قبل 9 أشهر، و بأن ذلك يعتبر جهداً كافياً لنيل الجائزة ..
لكن ترامب قال في مستهل قمة مع قادة دول عربية و إسلامية في نيويورك بعد إلقائه خطاباً أمام الجمعية العامة : "سنبحث في إنهاء الحرب ، و ربما ننهيها الآن".. كلام لا ينطوي على أية مضامين محددة .. و على الأرجح لن يتخذ الرئيس الأميركي موقفاً قبل لقائه مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في البيت الأبيض الاثنين المقبل..
و بسهولة يمكن الاستنتاج بأن ترامب ، الذي اعتبر اعتراف أكثر من عشر دول حليفة ، بينها فرنسا و بريطانيا ، بدولة فلسطين بمثابة "هدية لحماس"، لا يبدو أنه عاقد العزم على تبني موقف مغاير لموقف نتنياهو .. و هذا ما يضعف الرهانات على أن الرئيس الأميركي قد نفد صبره إزاء رئيس الوزراء الإسرائيلي ، و لا سيّما بعد الضربة الإسرائيلية التي استهدفت قطر ، الحليف المهم لواشنطن ، في 9 سبتمبر الجاري ..

و صمت ترامب عن الهجوم البري في مدينة غزة يعني قبولاً ضمنياً بخطة إسرائيل لاحتلال المدينة ، و من بعدها كامل القطاع ، ناهيك عن اللامبالاة التي قابلت بها الإدارة الأميركية المشروع الاستيطاني الواسع في المنطقة "إي 1" في القدس الشرقية ، بما يشطر الضفة الغربية إلى شطرين غير مترابطين جغرافياً ، في وقت لا يصدر أي تحذير أميركي من دعوات الوزيرين المتطرفين إيتمار بن غفير و بتسلئيل سموتريتش لضم الضفة الغربية ، حتى قبل الاعترافات الأخيرة بدولة فلسطين ..

ترامب قال في مستهل الاجتماع : سنبحث في إنهاء الحرب ، و ربما ننهيها الآن .. فالأمر الواضح هو أن غزة ليست على جدول اهتمامات البيت الأبيض ، الذي يتجه أكثر نحو أوكرانيا و الصين ، و نحو الوضع الداخلي الأميركي بعد اغتيال الزعيم اليميني المتطرف تشارلي كيرك ، و المواجهة مع رئيس الاحتياط الفيديرالي جيروم باول ، و إنزال الجيش في مدن أميركية رئيسية بدعوى مكافحة الجريمة ، و الحرب على اللقاحات التي يغذيها وزير الصحة روبرت كينيدي الابن ، وصولاً إلى جلاء لغز توقف السلم الكهربائي للأمم المتحدة خلال صعود ترامب عليه الثلاثاء !..

إن تذكير ماكرون لترامب بأن غزة هي التي توصله إلى أوسلو ، كي يتساوى مع أربعة رؤساء أميركيين آخرين نالوا الجائزة من قبله ، وهم في نظره لا يستحقونها أكثر منه ، هو محاولة فرنسية أخرى لحض سيد البيت الأبيض على التحرك لوقف الحرب ، و إيماناً من ماكرون بأن كل الجهد المبذول أوروبياً لا يعادل مبادرة أميركا نفسها ، التي تزود إسرائيل بالسلاح الذي تقصف به القطاع ، إلى الطلب جدياً من نتنياهو التوقف ..
ترامب يريد نوبل بمعزل عما يحدث أو سيحدث في غزة ، التي شهدت تدهوراً مريعاً على الصعيد الإنساني في الأشهر التسعة الأخيرة ..
لقد تفوق الأوروبيون في الاختبار السياسي و الأخلاقي على ترامب ، عندما أعادوا إحياء فكرة حل الدولتين سبيلاً وحيداً لتحقيق السلام في الشرق الأوسط ، الذي يواجه مصيراً غامضاً كمصير "أسطول الصمود العالمي" الذي تحلّق فوقه المسيّرات الإسرائيلية لمنعه من إنجاز مهمته الإنسانية في بلوغ سواحل غزة .

خالد درة باريس بالعقل أقول…( نوبل ترامب تبدأ من غزة...!)الجارديان المصرية