الثلاثاء 23 أبريل 2024 05:42 مـ
الجارديان المصرية

رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير عبد النبى عبد الستار

مقالات

خالد درة يكتب: بالعقل أقول ...( ألا نقول الله أكبر و لله الحمد ؟!)

خالد درة
خالد درة

سألنى صديق لى قائلاً لى : ( يا بتاع السياحة ) !!قلت له نعم ، قال : مالفائدة من الدوران حول الكعبة فوجدت الإجابة فى كتاب العلامة الدكتور مصطفى محمود رحمة الله عليه ( حوار مع صديقى الملحد ) ، وسألنى صاحبى قائلاً وهو يبتسم إبتسامة خبيثة ألا تلاحظ معى أن مناسك الحج عندكم هى وثنية صريحة ، حيث ذلك البناء الحجرى الذى تسمونه الكعبة وتتمسّحون به وتطوفون حوله ؟

ورجم الشيطان ، والهرولة بين الصفا والمروة ، وتقبيل الحجر الأسود ، وحكاية السبع طوفات والسبع رجمات والسبع هرولات ، وهي بقايا من خرافة الأرقام الطلسمية في الشعوذات القديمة... وثوب الإحرام الذي تلبسونه على اللحم .

...ويستمر قائلاً لا تؤاخذني إذا كنت أجرحك وأحرجك بهذه الصراحة ولكن لا حياء في العلم
قلت له في هدوء :
ألا تلاحظ معى أنت أيضا أن في قوانين المادة والطبيعة التي درستها
أن الأصغر يطوف حول الأكبر ..فالإلكترون فى الذرّة يدور حول النواة
والقمر يدور حول الأرض والأرض تدور حول الشمس والشمس تدور حول المجرّة
والمجرّة تدور حول مجرّة أكبر .. إلى أن نصل إلى الأكبر مطلقاً وهو الله
ألا نقول الله أكبر ولله الحمد !؟

أي أكبر من كل شيء ،
وأنت الآن تطوف حوله ضمن مجموعتك الشمسية رغم أنفك ، ولا تملك إلا أن تطوف ،
فلا شيء ثابت في الكون إلا الله هو الصّمد الصامد الساكن والكل في حركة حوله ،
وهذا هو قانون الأصغر والأكبر الذى تعلمته فى الفيزياء .

أما نحن فنطوف بإختيارنا حول بيت الله وهو أول بيت إتخذه الإنسان لعبادة الله فأصبح من ذلك التاريخ السحيق رمزاً وبيتاً لله ، وأنتم أيها الأبله ، ألا تطوفون أنتم حول رجل محنّط فى الكرملين تعظمونه وتقولون أنه أفاد البشرية .

ولو عرفتم لشكسبير قبراً لتسابقتم إلى زيارته بأكثر مما نتسابق إلى زيارة محمد عليه الصلاة والسلام !
ألا تضعون باقة ورد على نُصُب حجري وتقولون أنه يرمز للجندي المجهول ؟!
فلماذا تلوموننا لأننا نلقي حجراً على نُصُب رمزى نقول أنه يرمز إلى الشيطان .

ألا تعيش أنت فى هرولة من ميلادك إلى موتك ،
ثم بعد موتك يبدأ إبنك الهرولة من جديد ،
وهي نفس الرحلة الرمزية
من الصفا ، فالصفاء أو الخواء أو الفراغ رمز للعدم
إلى المروة ، وهي النبع الذي يرمز إلى الحياة و الوجود من العدم إلى الوجود ، ثم من الوجود إلى العدم!

أليست هذه هى الحركة البندولية لكل المخلوقات ،
ألا ترى فى مناسك الحج تلخيصاً رمزياً عميقاً لكل هذه الأسرار .

أما عن رقم 7 الذي تسخر منه ،
دعني أسألك ما السر في أن درجات السلم الموسيقى 7
( صول لا سي دو رى مى فا ).
ثم بعد المقام السابع يأتى جواب الصول من جديد ، فلا نجد 8 وإنما نعود إلى سبع درجات أخرى وهَلُمَ جرا.

... وكذلك درجات الطيف الضوئى 7 ، وكذلك تدور الإلكترونات حول نواة الذرّة فى نطاقات 7 .

والجنين لا يكتمل إلا في الشهر 7 وإذا ولد قبل ذلك يموت ، وأيام الأسبوع 7 ،
ألا يدل ذلك على شيء ،
أم أن كل هذه العلوم هي الأخرى شعوذات طلسمية ،
وأنت يا صديقى ألا تُقبّل خِطاباً من حبيبتك وتشتم راحتها فيه وتعانقه ... هل أنت تصبح بهذا التصرف وبهذا السلوك وثنى ؟

فلماذا تلومنا إذا قبّلنا ذلك الحجر الأسود
الذي حمله نبينا محمد عليه الصلاة والسلام فى ثوبه وقبّله .

فلا وثنية في ذلك بالمرة على الإطلاق ، لأننا لا نتجه بمناسك العبادة نحو الحجارة ذاتها وإنما نحو المعانى العميقة والرموز والذكريات.

يا صديقى! إن مناسك الحج هي عدة مناسبات لتحريك الفكر وبعث المشاعر وإثارة التقوى فى القلب ،
أما ثوب الإحرام الذي نلبسه على اللحم ونشترط ألا يكون مخيطاً فهو رمز للخروج
من زينة الدنيا ومتاعها وللتجرد التام أمام حضرة الخالق تماماً كما نأتى إلى الدنيا فى لفة .

فنحن نخرج أيضاً من الدنيا في لفة وندخل القبر فى لفة ،
ألا تشترطون أنتم لبس البدل الرسمية لمقابلة الملك ،
ونحن كذلك نقول : إنه لا شيء يليق بجلالة الله إلا التجرد وخلع جميع الزينة لأنه أعظم من جميع الملوك ولأنه لا يصلح فى الوقفة أمامه إلا التواضع التام والتجرد ، ولأن هذا الثوب البسيط الذى يلبسه الغنى والفقير والمهراچا والمليونير أمام الله فيه معنى آخر للأخوة والمساواة ، رغم تفاوت المراتب والدرجات الدنيا والثروات ،
فالحج عندنا إجتماع عظيم ومؤتمر سنوي ، مثله مثل صلاة الجمعة ، فهي المؤتمر الصغير الذي نلتقى فيه كل أسبوع .

هي كلها معانى جميلة لمن يفكر ويتأمل وهى أبعد ما تكون عن الوثنية ،
ولو وقفت معي في يوم عرفة على جبل عرفة بين عدة ملايين يقولون بصوت واحد ونفس واحد ( الله أكبر ) ويتلون القرآن بأكثر من عشرين لغة ويهتفون (لبيك اللهم لبيك ) ويبكون ويذوبون شوقاً وحباً لبكيت
أنت أيضاً دون أن تدري ، وتذوب في الجمع الغفير من الخلق وأحسست بذلك الفناء والخشوع أمام الإله العظيم....