السبت 20 أبريل 2024 07:38 صـ
الجارديان المصرية

رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير عبد النبى عبد الستار

مقالات

محمد الشافعى يكتب : هل اقترب موعد الخيار الأصعب ؟

المحلل السياسى محمد الشافعى
المحلل السياسى محمد الشافعى

هل أصبح الخيار الأصعب قريبا .. فكل يوم يمر تزداد التوقعات بإحتمالية بدء تحرك مصري سوداني مشترك
لمنع إكمال أثيوبيا للمرحلة الثانية من ملء خزان السد الأثيوبى بالمِياه، وتعريض ملايين من شعبى البلدين لأخطار المجاعة والفيضانات، في ظِل انهِيار كل الاجتماعات والمؤتمرات والجلسات الثلاثية والوساطات الاقليمية والدولية وآخرها الأمريكية للتوصل إلى حل سياسي وقانونى للتفاهم فى تشغيل وتوقيت ملء السد بسبب تعنت حكومة أثيوبيا .
الحكومة الإثيوبية لا تعبَأ بأى اتفاق ولا تعبأ بما سيتعرض له
شعبى مصر والسودان بل ولا تعبأ بالتحذيرات المِصرية السودانية، وتواصل الاستِهتار بها من خلال قراراتها الاستفزازية، وآخِرها إعلان رئيس وزرائها آبى أحمد أن حكومته ستبني " 100 سد على النيل الأزرق" خلال العام القادم ، وهو ما يوضح بصورة جلية أن بناء السد الأثيوبى لم يكن هدفه توليد الكهرباء ولكنهدفه استراتيجى للتحكم في مِياه النيل وكمياته بدون أي اعتبار للمصالح المائية لمصر والسودان ، إلا إذا دفعت المقابل المالي ، بمعنى أن الهدف الاستراتيجى هو التحكم وبيع المياه .
ومن الواضح أيضا ان الجانب المصرى والسودانى اللذان قدما الكثير من الحلول وأبديا حسن النوايا بالتفاوض الدبلوماسى والسلمى واشركا العالم بمؤسساته الأممية لإنهاء الأزمة سلميا ، قد بدءا فى اتخاذ تدابير أخرى " لخيار أصعب " بعد نفاذ كل الخيارات بلاجدوى ولا نفع ، وللمرةالثانية قد أجرت مصر والسودان مناورات عسكرية بمختلف أنواع الأسلحة تحت شعار " حماة النيل " قرب المناطق المحاذية للسد في الجانب السوداني .
الرئيس السيسى ،عندما يتحدث فأسلوبه الاختِصار في الكلام، وتجنب الخطب الطويلة ، والبعد عن التهديد والوعيد ، والأهم من ذلك الصبر وكظم الغيظ ، بل واعطاء الفرصة تلو الفرصة لفتح الطريق إلى التفاهم والتشارك من أجل تنمية الشعوب ، لكن الرئيس السيسي تحدث عن خطين أحمرين غاية فى الأهمية ، الأول .. في قاعدة سيدي براني قرب الحدود الليبية عندما حذر من عواقب أي اقتحام لمدينة سرت والجفرة، والثاني بالاسماعيلية فى قناة السويس عندما قال “إن مِياه النيل خط أحمر ولن نفرِط بنقطة مياه مصرية واحدة، وأي مساس بهذه المياه سيكون له رد فِعلٍ يهدد استقرار المنطقة بالكامل”.
مصر استعادت دورها القِيادي في المنطقة بشكلٍ سريع ، واصبحت البوابة الوحيدة والأقوى إلى قطاع غزة والقضية الفِلسطينية بالتالي، وأبعدت كل القوى الإقليمية الأخرى بما في ذلك قطر وتركيا، وأمنت الجبهةالغربية الليبية عندما همشت الخصوم وطوقت أخطارهم، وأقامت علاقات وثيقة مع مختلف القوى الأُخرى، وقامت بتأمين الجبهة الداخلية، بالقضاء على الإرهاب ومن بعده الفساد ، وقامت الادارة الأمريكية للرئيس بادين إلى فتح قنوات حوار مع مصر ، واستجداء دورها ونفوذها وصقلها لوقف الحرب الأخيرة في قطاع غزة بطلب إسرائيل .
فمن يستطيع أن يتنبأ بخطوة مصر والسودان التالية والتى تتعلق بكيفية التعامل مع عدوان أثيوبى على الحقوق المائية لشعبى البلدين ، ولكن ما يمكِن أن نجزِم به أن مصر وقيادتها والأشقاء فى السودان ، تقف بقوة لمنع تكريس سابقة التحكم في مياه نهر النيل التى تدفقت مياهه بفضل الله بحرية لملايين السنين دون انقطاع ولن يستطيع أحد أن يستغله أو يستطيع السيطرة عليه أو تهيأ له خيلائه الفارغة أنه قادر بإستعلاؤه على تهديد الحياة لملايين المصريين والسودانيين ، وسيكون الأختيار الأصعب أمام هذا هو الحل الأخير ، ولن يكون هذا الاختيار عبر وسائل الاعلام مسبقا ولا من خلال مؤتمرات صحفية ، ولكن سنصحوا يوما ونجد أن موضوع السد انتهى لصالح مصر والسودان بالإختيار الأصعب الذى ما كنا نريد أن نخوضه ، وسيجرى النيل كما أراد الله خيرا ونماءا للملايين .