الخميس 25 أبريل 2024 05:17 مـ
الجارديان المصرية

رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير عبد النبى عبد الستار

فنون وثقافة

اللواء احمد عبدالمنعم يكتب : ( أبنتى ) ...قصة قصيرة

الجارديان المصرية

أخذ الأب يداعب ابنته ويعبث بشعرها المبعثر في كل اتجاه، جلست علي حجره تداعب بعض شعيرات ذقنه التي لم يحدد لها هوية بعد، فلا هي طويلة ولاهي مهذبة، فأخذت تداعبها كما اعتادت دائما، ثم قبلته بين عينيه وعبثت بشعره قليلا كما اعتادت، وتركته بالحجرة وخرجت وهو يتابع خطواتها الصغيرة المتعثرة وقلبه يخطو معها، ويكاد يقع معها، علي ما يبدوا انها ذهبت الي غرفتها، ظل ابوها ساهما يتذكر طفولتها ويديها ذات الاصابع الصغير التي بالكاد تمسك اصبع واحد من يده، ولا تتركه الا وقد ذهبت في النوم، ثم تأتي اليه مرة اخري وقد عبثت بكل ادوات امها واتلفت معظمها، ولطخت وجهها، فبدلا من ان تعاقب، نضحك ونلهو معها، ثم تأخذها امها وتصلح شأنها وانا اتابعها واتخيلها في فستان زفافها والافراح قائمه ثم تمضي الايام وتدخل عليه وفي يديها كتبها تضعها امامه أيا ما كان ما يفعله، فأبوها ملكها تطلبه حين تريد وهي مرحبا بها في اي وقت، وحين تخطر امامه يخطر قلبه معها فهي مهجته والنسمة الحانية التي يتنسمها في حياته، قبلاتها علي جبينه تمحو كل همومه وتوقظ فيه اماله وتحي مستقبله أمامه، فيداعب أحفاده ويلهو معهم وقد تفرغ لهم وكرس حياته لهم، لم يعد يتخيل حياته بدونها، فلا حاضر ولا مستقبل بدونها فهي ماضيه وحاضره ومستقبله، ثم تجمع كتبها من أمامه وتخرج من حجرته يبدوا انها ذاهبة لغرفتها، ثم دخلت مرة اخري واحضرت له هاتفة الذي ملئ البيت ضجيجا، ثم تعبث بهاتفه وتري اتكلم مع من؟ ومن كلمني ثم تقبله مرة اخري بين عينه كما تعودت، ويتابعها بعينيه وقلبه وهي تخرج من غرفته وقد أخذت الأنوثة تضع لمساتها علي قدها ومحياها، يبدو انها ذاهبة الي غرفتها، اخذه الوقت، لا يعلم كم مر عليه وهو يقلب دفاتر ذكرياته مع ابنته الحبيبة، فكلما شاهد عروسة في زفافها رآي ابنته، كلما تحدث زميلا عن ابنته تطفوا صوتها امام عينيه فيراها امامه تجلس بجانبه تداعب يديه وتأخذ قلبه معها وتتركه وحيدا، بلا قلب، فكلما شاهد فيلما يحكي قصة طالبة يتذكر ابنته، انها معه دائما في كل مشاهد الحياة، ومهما طال الزمن وبعدت المسافات ستظل كما هي شابه جميله لا تتغير صورتها كل شيء يكبر الا هي ستظل صغيرة، تحرك قلبه وتجتاح مشاعره وتستحوذ علي لبه ولا يدرك احدا مدي شوقه إليها وحرقته عليها واحتراق كل شعيرة دموية في جسمه، كلما مر به طيفها ثم تشفي دمائه عندما تدخل حجرته، ثم تحرق مرة اخري كلما تغادرها يبدو انها ذهبت لغرفتها، ويظل يحترق حتي تعود اليه مرة اخري فيشفي ثم يحترق، وتنزل دمعة ساخنة من عينيه فتمسحها له زوجته، وهما جالسان امامها تنظر اليهما بعينيها الجميلتين وتداعبهما وتعبث بقلبيهما وتحرق وتشفي جراحهما.