الخميس 25 أبريل 2024 10:46 صـ
الجارديان المصرية

رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير عبد النبى عبد الستار

فنون وثقافة

الأديبة نجلاء احمد حسن تكتب : رواية الحملة دعوة لقراءة التاريخ

الاديبة نجلاء احمد حسن
الاديبة نجلاء احمد حسن

يطل علينا الدكتور تامر عز الدين ؛استشاري جراحة القلب والاوعية الدموية بجامعة بنها ،في اطلالة تاريخية غاية في التميز ،حيث تناول بناء الرواية على مجموعة من القيم الانسانية الهامة ،والتي تناولها الادباء والروائين ؛وهي فضيلة العرفان بالجميل ،باعتبارها منبع الفضائل العامة والخاصة ،فمنها ينشا الولاء والانتماء للارض والعرض ‘ والتضحية بالروح فداء للوطن ،وباعتبارها كذلك اكثر الميول الطبيعية عدالة ونفعا وخلودا ،على مر الزمن ،‘هو الاطار الذي تدور فيه الرواية اما من خان وكذب وقتل وسرق ،فمصيره مزبلة التاريخ ، لذا اوصي ان يتم ادراجه في مناهج التربية والتعليم لتمهيد الفكر وازالة حواجز النفسية المتسببة في الاحجام عن قراءة التاريخ لدى الجيل الجديد .
تدور في الرواية عدة الغاز واسئلة تحدد الاطار النفسي لقصة الحب الناعمة بين بطل الرواية سيف المسلم ومحبوبته القبطية الجميلة درة . هل يتدخل الدين في الختيار القلوب وهل للقلب حرية اختيار الدين ؟ وتاخذنا الاحداث التاريخية للحملة على نحو ياخذك للرجوع الحملة التي استغرقت تلات سنوات
(١٧٩٨ -١٨٠١).
تعرضت الحملة للمقاومة الشعبية منذ اللحظة الاولى ؛مابين معارك شبراخيت وامبابة ثم ثورة القاهرة الاولى ١٧٨٩ ،وحصار عكا ١٧٩٩ ،وثم ثورة القاهرة الثانية من بولاق لمدة شهر (في مارس عام ١٨٠٠.) ثم بعد شهرين مقتل كليبر على يد سليمان الحلبي ، ثم معركة ابو قير البحرية انتصر فيها الانجليز ،وفشل الفرنسيين واحتراق ااسطولهم في معركة ابو قير البرية ، بين الفرنسيين والعثمانيين ثم اضطر نابليون وترك مصر، لمشكلات فرنسا مغ النمسا ،وترك مينو ثم دخول حملة فريزر وخديعة المصريين لهم ثم انقضوا عليهم فشل الانجليز في لاحتلال مصر بمعاهدة العريش بين فرنسا والدولة العثمانية وإنهاء سيطرة انجلترا على التجارة في منطقة شرق المتوسط واستلام مينو.
حبكة الصراع التي حملت المفاجات في قصة الحب الناعمة نغمات الكمان في اوركسترا يغلب عليه صوت التشيلو و دقات الطبول ؛ بين ابطال الرواية ان درة بين حبها لسيف المسلم وتفكيره ان يتقدم لخطبتها ،من والدها كوهين اليهودي الذي انتحل اسم أيوب التاجر القبطي القادم من الصعيد الذي مات وهو يوصي بالكنز لدرة ابنته ليكون رصيدا لها ضد نوبات الزمن ؛فسرق اسم ايوب ودرة وامها ،وذهب يسرق ماله وتجارته في القاهرة ويدخل كصبي عند المعلم خليل صاحب القهوة ثم يتعاقد مع صديقه شارل الفرنسيى قريب قنصل فرنسا مجالون بالاسكندرية ؛ لدخول مصر واحتلالها لتخليصها من المماليك والاتراك ثم نجده ينطلق في التجارة الى ان يصل مركزه الى ان يكون موفد الفرنسيين لجمع اموال الجباية .
اشترى بيت جديدا و ثم دكان كان أكبر. ثم لاحقا يتحكم في زمام الأمر، وينتهي الأمر إلى ظهوره كتاجر ومهرب اثار وباع درة بعد ان اعتدى عليها وباع بلده للمحتلين ثم تكون نهايته على يد سيف مقتولا بعد ان تنكشف حقيقته الشريرة ، فهو الشر انسانا فقد اسس للفتنة الطائفية بين الاقباط والمسلمين
ونجد المفارقة في حب سيف لدرة وهمه بقضايا وطنه ومقتل الأب الشيخ حسن اثناء الدفاع عن بيت جرجس العطار واخلاصه لقلب حبيبته درة
ونجد ان الدكتور تامر عز الدين يطعم الرواية بالمعلومات التي استقاها من امهات الكتب وتصل دقته في تطعيم الرواية بالعديد من الاشارات المرجعية للكتب التي كانت انتشرت في تلك الفترة التاريخية مثل
كتاب الرحالة فولي عن مصر بعنوان ثلاثة أعوام في مصر وبر الشام
كتاب رسالة في التسامح لفولتير حيث يتحدث ان المصريين شعب جبناء ومحبين للخزعبلات في (القرن 6 ق.م)
كتاب الفيلسوف الالماني ليبنز واثره على فكر نابليون بان هذا العالم الذي نحياه هو افضل العوالم الممكنة هو افضل من حملة لويس9ملك فرنسا الصليبية
كتاب السمات الكاهنية لذي النون الصري
مذكرات العالم أيوب ابن سلمة لفك طلاسم كتابات المعابد الفرعونية في مدينة اخميم بالصعيد خريطة عمرو بن العاص التي تشرح مكان الكنز تحت مسجد عمرو بن العاص وهز صندوق يحتوي على أوراق مكتوبه بالقرآن بحط كوفي وهي خيبة امل أصابت مراد بك المولع بجمع المال
كتاب حكم ابن عطاالله السكندري
كتاب التحف البهائية في طبقات الشافعية
كتاب البخاري
جريدة البريد المصري(كوريه دي لليجبت) تصدر كل خمس ايام تستعرض اخبار فرنسا
يحدثنا الكاتب الكبير دكتور تامر عز الدين عن بعض نقاط التثاقف وصدمة الحضارة المتبادلة بين الحملة والشعب المصري
يظهر لنا المؤلف مشهد الغزو الثقافي الاول وفرض هوية الفرنسيين على مصر منذ اللحظة الاولى ( باب ١١) دخول الفرنسيين ثغر الإسكندرية وفرض شعار الجوكر الازرق الفرنسي على الاسكندرية ثم التوجه للقاهرة ،قدمت الحملة الى مصر وتداعب الاحلام افكار الفرنسيين ايضا ووتكون الصورة الذهنية عن مصر نجد تلك الاحلام تداعب فكر وخيال كبير الحملة نابليون ،عن مصر بوابة الشرقة ساحرة القلوب ذات الثروات والكنوز والرمال الذهب وصاحبة جبل موسى ، ورمانة ميزان العالم . ولكن احلام جنوده تصاب بخيبة امل لم يجدوا كليوباترا تنتظرهم بين نساء مصر وحالة البلاد مختلفة عن باريس خصوصا بعد هزيمتهم على يد نيلسون فالاسكندرية جاء لغزو مصر ١٣سفينة وبارجة يشترون كل شيء يعم الرواج بعد دخولهم القاهرة وقاموا بتعيين الديوان واحبهم البعض مقارنة بالمماليك أصبحوا يفتحون المحلات والمطاعم نظيفة ومرتبة التي تقدم مذاق طعام مختلف شهي ولذيذ الطعم والمنظر وفي المقابل يقبل الفرنسيون على الاطعمة الشعبية المصرية بنفس الفلسفة وهي معرفة حياة وثقافة الاخر .وقد امتد شغف الفرنسيين حتى بعد انتهاء الحملة على مصر بل تم استحداث معهد الدراسات الشرقية الذي اهتم بدراسة مصر القديمة وظهور علم المصريات (Egyptology ) وتنتج كتاب وصف مصر الكاشف لاسرار مصر وعلى الجانب الاخر يرضد المؤلف ظاهرة صدمة الحضارات للشعب ما بين الاستجابة القوية والرفض وايضا الاستفادة من الحملة مثل شخصية حمدان ومحبته لكل ما هو فرنسي متجسدا في جمال سوزانا الصارخ ونجد ايضا اختلاف اخلاق البعض مثل اخلاق بيت البكري تقدم ابنته الخمور للمترددين على بيت أبيها ويدعون الاقباط والفرنسيين لزيارتهم وتمجيد بونابرت لهم بل يتخذ منهن عشيقثة له؛ ثبات الشيخ حسن وابنه سيف في القاهرة لمواجهة الفرنسيين والرفض امن عنصري الامة مسلميها اواقباطها منهم مثل درة وبيت جرجس العطار موالاة الفرنسيين بل ومقاومتهم لاخر نفس واخر نقطة دم ؛ومن المدهش عدم سؤال الصغار اوالتنمر عن الدين بدليل ان درة لم تعلم ماهي ديانتها رغم تواجد الاقباط والمسلمين حولها من الشباب والفتيات .
تطرق الكاتب الكبير تامر عز الدين الى بعض اشكال الفولكلور في ذلك الوقت العاب الاطفال جوز وفرد- وتريك تراك بقذف القطع الخشبية والجري وتغنيهم ومشاركتهم في المقاومة ( الله ينصر السلطان ويهلك فرط الرمان )كناية عن برطملين ووعي الاهالي باهمية توثيق الملكية بالكتابة وفكرة الاختباء في سراديب تحت المنازل عند مداهمة الخطر . وتطل علينا ثقافة ان المال والذهب والكنز لابد ان تتسلح به المراة في ذلك الوقت كحماية لها .من العادات التي تم استرجاعها وطريقة عمل القهوة بحوض الرمل الساخن ؛عادت من جديد في بعض مقاهي مصر في العضر الحديث ؛ووضع الفوانيس على ابواب البيوت والدكاكين القاهرة وانارة الشوارع كانت على حساب الاهالي وليست الحكومات ؛ وجلوس الاهالي طوال الوقت على المقاهي لانها تمثل تسجيل دفتر احوال المصريين بالمنطقة ،وحبهم للمناظر الطبيعية وارتياد المتنزهات غير مرتبط فقط بالاعياد
المرأة في رواية الحملة
درة بطلة الرواية رمز الجمال والحب دور المراة في المقاومة الشعبية نفيسة البيضا ام المماليك او نفيسة المرادية نسبة الى زوجها الثاني مراد بك وكانت من اغنياء مصر سوزانا الفرنسية حبيبة حمدان تعترف الإسلام وزينب البكري عشيقة نابليون
ومن مفارقات الرواية ص 229 مفارقة عجيبة غي الرواية أيوب يترك ابنته درة( لديبوي ) ونجد ايضا الشيخ البكري نقيب الإشراف يترك ابنته زينب لبونابرت ثم تقتل في نهاية القصة وهي هنا ضحية خيانة الأب للوطن
التاريخ يعيد نفسه وقت الثورات
استهل الدكتور تامر عز الدين (في الباب٢٣) كلمات من غير رئيس ولا قائد مشهد من ٢٥ يناير ٢٠١١ مواجهة غير متكافئة بين الرماح والبنادق والفتنة بين الاقباط والمسلمين من صنع أيوب بعد مقتل ديبوي ؛و مشهد فديتك الغلام ص272 مشهد يشبه مقتل عمر المختار
وصف الاماكن لدى المؤلف
وصف بركة الاوزبكية ويركة بطن البقرة التي تميزت في ذلك الوقت بانها حديقة عامة مزدانة بالنباتات والطيور ومتنفسا لاهل القاهرة . وايضا العتبة الزرقا نسبة الى سرايا الزرقا الذي بناها صاحب جامع الشاربي شاه التي تحولت الى العتبة الخضرا ثم ميدان الملكة فريدة . وصف الملاحم في شوارع بولاق الغورية بين القصرين باب الفتوح باب زويلة باب الشعرية الجامع الازهر كازينو تيفولي شارع المعز امبابة بين القصرين ومن المشاهد مؤثرة كان مشهد مقتل كليبر على يد سليمان الحلبي القادم من الشام ومشهد إعدام سلمان الحلبي على الخازوق
تنتهي الرواية ولم تنتهي الحملات الثقافية الممنهجة على اهل مصر