السبت 27 يوليو 2024 04:34 صـ
الجارديان المصرية

رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير عبد النبى عبد الستار

مقالات

دكتورة مارى جرجس رمزى تكتب : فنجان قهوة

دكتورة مارى جرجس رمزى
دكتورة مارى جرجس رمزى

جلست وقت مغيب الشمس في شرفة غرفتها تتأمل الأفق البعيد ورمت بشعاع ناظريها إلى هناك... إلى اللا شئ... واللا مكان واللا زمان... وإذ بصوت هزات الهاتف المحمول بجانبها يكسر جدران الصمت والسكينة
بهدوء وثبات تحول نظرها من البعد إلى شاشة ملقاة تهتز على منضدة بجوارها ولمحت رقماً مجهولاً
ارتخت جفونها قليلاً... ففرشت رموشها ظلاً جميلاً على وجه فنجان قهوتها المستكين بين كفيها في هدوء واستسلام
ومدت شفتيها الرقيقتان لتقبل جداره الناعم قبلة ملوك رقيقة راقية مرتشفة أول رشفة... وأجمل رشفة ثم
أغمضت عيونها الواسعة في متعة لا يفهمها إلا عاشق لأمر ما أو شخص ما
وبعد دقيقة... ارتشفت الرشفة الثانية من نفس الفنجان المستكين المستلم لها بنفس المتعة المتبادلة بينهما وعاودت إرسال شعاع روحها المنبثق من عيونها إلى الأفق البعيد مجدداً
اكتفت به عن الجميع وقد كان كافياً
كافياً لدرجة الفيض بل الفيضان
كان وجود الباقي لا بأس به وغيابهم لا بأس به طالما هو حاضر وكان دوما حاضراً طاغي الحضور
نضجت مبكراً ... وفهمت مبكراً ... وارتاحت مبكراً ...
سر الحياة...
سر الوجود...
سر السعادة...
السمو الترفيع التحليق بعيداً فكراً وادراكاً وعواطفاً
بعيدا... بعيدا جدا في ذلك الافق الغير مدرك باليد البشرية والعقل البشري
وجدت انعكاس ذلك الأفق والكون كله بتفاصيل الدقيقة داخلها داخل الروح بل أرحب وأوسع واجمل
والعجب وجدته هو نفسه يسكن فيه
أدركت... بل أيقنت أنها الكون بكل ما فيه من بحور وشواطئ وجبال وصحار وغابات وسهول ومرتفعات ومنخفضات وليل ونهار وغروب وشروق
أدركت أنها السماء بمجراتها ونجومها وشموسها وشهبها في كل أحوالها من كسوف وشروق وغروب وانفجار
جلست... كون كامل أمام كون كامل تتواصل وتتحدث بلغة لا يعرفها بشر مع كل ذرة من ذرات الكون حولها فمقابلها بداخلها ذرة روحانية مماثلة تعرف قرينها المادي جيداً وتحن إليه وترتاح مستويات طاقته بين مستويات طاقة ذرته المادية حتى النواة الروحية تستقر في نواتها المادية المقابلة
جلست تتحد بالكل
جلست تتحد بالله

دكتورة مارى جرجس رمزى مقالات الدكتورة مارى جرجس رمزى فنجان قهوة الجارديان المصرية