الكاتب الكبير جمال قرين يكتب : الدولار والأسعار وحزمة الحماية الاجتماعية


* تفاءل الناس خيرا بعد هبوط سعر الدولار ووصوله إلى 50جنيها بسبب هجمة الدولة على تجار السوق السوداء وحبس العشرات منهم, ورفع البنك المركزى سعر الفائد 2٪ على الإيداع والاقتراض بهدف تشجيع الناس , لكن تظل هذه الإجراءات وقتية ولاتعالج أسباب المشكلة الحقيقية, وهى شح الدولار وعدم توفره فى البنوك بالشكل المطلوب منذ فترة حتى يستطيع رجال الأعمال ومن لديهم مشروعات تنموية يعمل بها ٱلاف المصريين, أن يستوردوا ماتحتاجه هذه المشروعات سواء كانت مصانع أو غيرها من مستلزمات ومقومات الإنتاج, إن عدم وجود دولار فى البنوك بالقدر الكافى يعنى توقف هذه المشروعات عن الإنتاج .. وبالتالى تسريح ٱلاف العمال وزيادة حجم البطالة , ناهيك عن خلق مشاكل اجتماعية قد تؤدى إلى العنف الأسرى والطلاق وتشريد الأبناء وهذه مشكلة أخرى على المدى البعيد
بالإضافة إلى غياب الأمن الاجتماعى وانتشار السرقات بمعدلات كبيرة وتجارة المخدرات وزيادة عدد العاطلين والناقمين على البلد , الأمر الذى يجعلهم عرضة للأفكار الظلامية المتطرفة, والتى تستغل عوز الشباب وتلعب على هذا الوتر الخطير, لذلك إذا كنا خايفين على هذا البلد بجد أول حاجة نعملها نشوف حل لمشكلة الدولار ويبقى بسعر موحد,أوتختفى السوق السودا نهائيا ولن يحدث ذلك إلا حينما يشعر المواطن أن سعر الدولار فى البنوك مثل سعره على الأرصفة,هنالك فقط سوف يتوجه المواطنون للبنوك للإيداع وبكميات كبيرة , والمهم فى الموضوع كله أن تأخذ الدولة إجراءات سريعة وفعالة تصب فى صالح الاقتصاد حتى يخرج من عنق الزجاجة التى وضعنا أنفسنا فيها بكثرة المشروعات الأسمنتية غير المربحة والمكلفة جدا, وحسنا مافعلته الحكومة مؤخرا حينما اتخذت عدة قرارات بهدف الحد من الأزمة الاقتصادية, وأهمها تجميد المشروعات الأسمنتية الجديدة خلال العام الحالى 2024 وبالإضافة إلى هذه القرارات الجيدة محتاجين أيضا أن نعظم من صادراتنا, لجلب الدولار وتشجيع المصريين العاملين بالخارج على إرسال مدخراتهم ولا نخوفهم أو نفرض عليهم مزيدا من الضرائب والأعباء المالية كما يقترح رئيس حزب الوفد ومن على شاكلته, بل المفروض أن يحصل العكس وأن نقدم لهم إغراءات وحوافز تشجعهم على ضخ أموالهم داخل مصر ,ويبقى لهم مزايا
وتخفيضات مثلا فى شراء الأراضى والعقارات و المشروعات التى يحبون إنشاءها ,و نشوف المصانع المتوقفة ونمد لأصحابها يد العون كى تقف على قدميها من جديد, بتوفير ماتحتاجه من عملة وخلافه, ننشط الشركات السياحية ومكاتبها بالخارج ونشجعها ونقدم لها تسهيلات كثيرة, لأن السياحة مورد مهم والسائح حينما يزور مصر جيبه بيبقى ملىء بالدولارات ويريد أن ينفقها , خاصة أن بلدنا بها ثلث اثار العالم , علاوة على مناخها الجميل فى فصل الشتاء وبها مدن سياحية تضاهى أى مدينة فى العالم مثل شرم الشيخ ودهب والعلمين والأقصر وأسوان ومرسى علم وغيرها, وأقترح وبدون عقد مؤتمرات للحوار الوطنى الفنكوش أن يدعو فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسى أو رئيس الحكومة 25 فردا فقط من خيرة الخبراء الاقتصاديين ورجال الأعمال المخلصين ويحثهم على وضع تصور وخريطة اقتصادية تخرج البلاد من الأزمة الحالية, التى تسببت فى كل هذه المشاكل الاجتماعية , مع أهمية تصحيح الأخطاء التى تسببت فى حدوثها ومنها تقديم الشكر للمؤسسة العسكرية على مابذلتها من جهد طيلة ال 10سنوات الماضية وإبعادها عن أى دور اقتصادى أوسياسى,مع ضرورة اختيار الكفاءات لاأهل الثقة وتغيير الحكومة فورا لأنها استنفذت كل مالديها, وليس لديها جديد تقدمه لخدمة البلد , واختيار قيادات شابة متعلمة تتمتع بقوة شخصية ولديها القدرة على اتخاذ القرار , مع أهمية إلغاء نظام المركزية وكل قيادى أووزير أو محافظ فى مقدوره أن يأخذ قراراته بنفسه دون الرجوع إلى رئيس الجمهورية او رئيس الحكومة وأن يخضع للمساءلة بعد ذلك إن أخطأ, وهذا لن يحدث إلا بتشريع جديد يتضمن هذا البند , هذه هى مصر الجديدة التى يتمناها كل مواطن مصرى حالم ,إن حزمة الحماية الاجتماعية التى أعلن عنها الرئيس عبد الفتاح السيسى مؤخرا بزيادة مرتبات العاملين بالدولة والقطاع العام, بالإضافة للمعاشات خطوة جيدة, لكنها غير كافية مالم يتبعها ثبات فى أسعار السلع وده مش حيحصل طالما لم تسيطر الدولة على السوق السوداء لبيع الدولار والذى وصل سعره اليوم 64جنيها بعد الانخفاض الحاد كما أشرت فى بداية المقال, والمؤسف أنه يباع الٱن على الأرصفة كما قالى لى أحد أقاربى المقيم بأسوان , لاشك أن هذه الزيادات التى أعلن عنها السيد الرئيس مع أهميتها, لكنها ستؤدى فى النهاية إلى ارتفاع نسبة التضخم بشكل غير مسبوق لأن الدولة ستضطر إلى طباعة فلوس على المكشوف بدون وجود عباءة دولارية كافية لتغطية هذه الأموال , بمعنى أننا نعالج مشكلة وعايزين نخفف الأعباء عن الناس لكن بنتسبب فى خلق مشكلة أخرى تزيد من حجم الأزمة, والحل كما ذكرت فى القضاء تماما على السوق السوداء أو تعويم جديد يجعل الدولار فى البنوك زى الرز ,
كلمة أخيرة .. قرارات الحماية الاجتماعية الأخيرة لن تفيد أصحاب المعاشات البالغ عددهم 13مليون معظمهم مصابون بالأمراض المزمنة ويتعاطون أدوية بأثمان باهظة, وعندهم التزامات كثيرة تجاه أسرهم, ورغم ذلك لم تشعر الدولة بهم , إن الزيادة التى سيحصلون عليها مع مرتب مارس المقبل وهى بنسبة 15٪فقط كان ينبغى على صانع القرار أن يرفعها إلى 40٪على الأقل, ومحدش يقولى حندبر فلوسها منين , لأن المواطن حيرد ويقول: أومال كانت الحكومة بتدبر إنشاء الكبارى والمدن الفخيمة والمشروعات الاسمنتية العملاقة منين ؟! , والتى تكلفت تريليونات الجنيهات , إن الحكومة بهذه الزيادة المتدنية تقول لأصحاب المعاشات روحوا موتوا أفضلكم , لأنه ببساطة شديدة حينما يصل الموظف إلى السن القانونية أى المعاش يتقاضى ثلث مرتبه الذى كان يحصل عليه أثناء الوظيفة, ومعنى كدا إنك بتحكم عليه يافندم بالإعدام , لذلك كان ينبغى على صانع القرار أن يضع أمامه معاناة أكثر من 13مليون مواطن مصرى, قضوا جل عمرهم بالوظيفة وخدموا الدولة فى مواقع كثيرة , ويؤسفنى أن أتهم الحكومة بغياب العدالة فى مسألة الأجور لأن هناك فئات فى الدولة للأسف تأخذ مستحقاتها المالية بعد الخروج الى المعاش كاملة دون أن ينتقص منها شىء, بالإضافة طبعا للحوافز وخلافه , ولاداعى لذكر هذه الفئات, فالكل يعرفها وهذا قمة الغبن والظلم لأننا كلنا مواطنون مصريون فى النهاية .