الكاتب والمحلل السياسى رامى الشاعر يكتب : فيروز ولقاء التنظيمات الفلسطينية في موسكو
الجارديان المصريةأصدر الرئيس الفلسطيني محمود عباس يوم أول أمس الاثنين مرسوما بقبول استقالة رئيس الوزراء الفلسطيني محمد أشتية وحكومته وتكليفه ووزرائه المستقيلين بتسيير أعمال الحكومة مؤقتا إلى حين تشكيل حكومة جديدة.
يأتي ذلك بالتزامن مع انطلاق مفاوضات بين التنظيمات الفلسطينية يوم غد 29 فبراير الجاري، والتي ستستمر لمدة يومين أو ثلاثة أيام.
في هذا التوقيت، وبصدفة سعيدة، استمعت إلى فيروز في حفلة لها منذ أكثر من نصف قرن مضى بالجزائر (1968) فلمست وترا في قلبي لا زالت أصداؤه تطاردني، وكأن الزمن يعيد نفسه. أما آن الأوان أن نستيقظ.. وكنت تعرفت على الأغنية في وقتها، إلا أنها ساعتها لم تفعل بي ما فعلته بي الآن..
لقد وصلت موسكو في تلك الآونة تقريبا، وكانت عاصمة الاتحاد السوفيتي لا روسيا وحدها، وما أدراك ما الاتحاد السوفيتي، وما كان يعنيه وقوف الاتحاد السوفيتي إلى جانب قضايانا العادلة في الشرق الأوسط، دوره في أزمة السويس 1956، ودوره في حرب الاستنزاف، ودوره الكبير في قدرتنا على تحطيم أسطورة الأمن الإسرائيلي في 1973، بصرف النظر عما جرى بعدها.
في العقدين الماضيين واصلت روسيا مسيرة الاتحاد السوفيتي في الوقوف بجانب الشعب الفلسطيني ودعمه في قضيته العادلة، ومن أجل تنفيذ قرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، وكانت ولا زالت روسيا، أحد أعضاء الرباعية الدولية لتسوية القضية الفلسطينية، التي عرقلت أعمالها الولايات المتحدة، بحجة "الانقسام" الفلسطيني.
استمعت إلى فيروز في ظل ذلك الانتظار القاتل لما يمكن أن تتمخض عنه اجتماعات التنظيمات الفلسطينية، والتي أرجو من كل قلبي وجوارحي أن تسفر عن قرارات مصيرية تغيّر وجه القضية الفلسطينية وتدفع بها نحو آفاق تاريخية تثلج صدور شعبنا الأبي المناضل الذي واجه ولا زال يواجه أحلك الظروف وأصعب الأزمات.
وتمنيت وأتمنى من أعماق قلبي ألا ينطبق ما قالته فيروز على اجتماعنا المرتقب في موسكو.
دعونا نركز على استعادة الوحدة الوطنية ومناقشة تشكيل حكومة توافقية ووضع مقترحات عملية بناءة تساعد الرئيس محمود عباس على المبادرة بتشكيلها. دعونا نبحث عما يربطنا ببعضنا البعض، ونعود إلى الشعب الفلسطيني أولا وأخيرا فهو الفيصل والفاصل، والحكم والحاكم، وهو من نعمل جميعاً لديه ومن أجل مصلحته، وهو من تحمّل ويتحمّل كل فواتير المقاومة بكل أشكالها. تصوروا إلى أي مستوى من المعاناة وصلت الأمور بشعبنا، أن يتلقى المساعدات للبقاء على قيد الحياة من السماء بواسطة طائرات تقوم بعملية إسقاط جوي لمساعدات إنسانية عاجلة في قطاع غزة بمشاركة الدول الشقيقة مصر والأردن والإمارات، أي نوع من المعتقلات هذا؟!
سيجتمع ممثلو وقيادي التنظيمات الفلسطينية يوم غد هنا في العاصمة موسكو، وأرجو أن يستمعوا إلى فيروز، حتى لا يكونوا مثل القضاة الذين وصفتهم بقولها إنهم تعبوا وذهبوا إلى النوم، بينما يبحث البائسون عن السلام، والجوع في ملاجئ المشرّدين ينام، والرياح لا تزال تقتلع الخيام.
والآن أترككم مع فيروز من عام 1968..
كان القضاة قد تعبوا.. أتعبهم طول النقاش
فأغلقوا الدفاتر وذهبوا للنوم
وكان في الخارج.. صوت شتاء وظلام
وبائسون يبحثون عن سلام
والجوع في ملاجئ المشرّدين ينام
وكانت الرياح ما تزال
تقتلع الخيام.
تقول فيروز من كلمات وألحان الأخوين رحباني:
سافرت القضية تعرض شكواها في ردهة المحاكم الدولية
وكانت الجمعية قد خصصت الجلسة للبحث في قضية القضية
وجاء مندوبون عن سائر الأمم جاؤوا من الأمم
من دول الشمال والجنوب
والدول الصغيرة، والدول الكبيرة
واجتماع الجميع في جلسة رسمية
وكانت الجمعية قد خصصت الجلسة
للبحث في قضية القضية
وخطب الأمين العام، حكى عن السلام
وبحث الأعضاء الموضوع
وطُرح المشروع: عدالة القضية
حرية الشعوب، كرامة الإنسان، وشُرعة الحقوق
وقف إطلاق النار وإنهاء النزاع
التصويت.. التوصيات.. البت في المشاكل المعلقة.. الإجماع
وصرحت مصادر موثوقة نقلا عن المراجع المطلعة
ودرست الهيئة.. وارتأت الهيئة
وقررت الهيئة.. إرسال مبعوث
وصرح المبعوث.. بأنه مبعوث
من قبل المصادر.. وأن حلا ما
في طريق الحل.. وحين جاء الليل
كان القضاة قد تعبوا.. أتعبهم طول النقاش
فأغلقوا الدفاتر وذهبوا للنوم
وكان في الخارج.. صوت شتاء وظلام
وبائسون يبحثون عن سلام
والجوع في ملاجئ المشرّدين ينام
وكانت الرياح ما تزال
تقتلع الخيام.