الجمعة 17 مايو 2024 01:12 مـ
الجارديان المصرية

رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير عبد النبى عبد الستار

مقالات

الدكتور القس جرجس عوض يكتب : دموع صاحب الجلالة (3)

الدكتور القس جرجس عوض
الدكتور القس جرجس عوض

الدموع الصارخة
لماذا بكي يسوع في بستان جثيماني ؟
سجل لنا الوحي المبارك ان السيد المسيح بكي ثلاث مرات خلال أسبوع واحد او عشرة أيام علي الأكثر ويظهر ذلك من خلال انجيل البشير يوحنا 12 حيث صنعت الاختان مريم ومرثا حفل عشاء بمناسبة إقامة لعازر اخاهم وكان ذلك في بيت سمعان الابرص الذي يقال انه زوج مرثا ودعونا نسرد علي حضراتكم مرات البكاء المرة الأولى عند قبر لعازر ونقدر نسميها الدموع الصامتة والبكاء كان من اجل شخص وهو لعازر يوحنا 11 : 33-35 ، وقد تحدثنا عنها في مقال سابق والمرة الثانية عن دخوله اورشليم ونقدر نسميها الدموع المسموعة وكانت من اجل شعب اليهود، مت 23: 37، 38 وقد تحدثنا أيضا عنها في مقال سابق والمرة الثالثة بكاء المسيح في جثيماني ونقدر نسميها الدموع الصارخة وكانت من اجل العالم كله لو 22: 44 وعب 5: 7 وهذا ما سوف نتحدث عنها في هذا المقال
وإذا كان الوحي المبارك سجل لنا ان دموع داود تُحفظ عند الرب في زِقه (مز56)، ففي أي مكان ينبغي أن تُحفظ دموع ربنا يسوع ؟! وإذا كانت دموعنا مُقدَّرة عنده، فكم وكم دموع صاحب الجلالة اليس لها كل التقدير ؟ نعم تبارك اسمه القدوس واليوم نتحدث عن الدموع الصارخة
جاء يوم خميس العهد، الذي يعد يوم الكفارة العظيم الليلة الذي يجب علي رئيس الكهنة في العهد القديم ان لاينام حتي الصباح لقد دنت الحرب من النهاية والان في بداية الذروة في حرب الأبدية بين يسوع وابليس والخطية والموت وقد بدات الحرب في جثيماني وبدا رئيس الكهنة العظيم ان يصلي متشفعا عن كل الشعب وكانت الصلاة أيضا علي ذبيحة نفس ومن هنا بدا تبادل الأدوار يسوع اخذ مكان الانسان ومكان رئيس الكهنة ومكان الذبيحة المقدمة واصبح هو الانسان والشفيع والذبيحة
لماذا ذهب في تلك الليلة الي جثيماني ؟ علينا ان ندرك ان الرب يسوع جاء لكي يخلص ما قد هلك فكان لابد له ان يذهب الي البستان للأسباب الاتية :ـ
1ـ ادم الاول اخطئ في الجنة (البستان) . وادم الجديد يصحح الخطأ في البستان
2ـ ادم الأول ادخل الخطية والموت الي العالم . وادم الاخير يقف امام الله ليمحوا الخطية ومن ثم عقوبة الموت
3ـ ادم القديم ظهر له الشيطان مشككا . وادم الجديد ظهر له ملاك الرب مشدد. لو 22: 43 وظهر له ملاك من السماء ليقويه
4ـ ادم الاول تجرع كأس الموت . وادم الاخير نزع كأس الموت وقدم الحياة"
5ـ ادم الأول بسببه لعنة الأرض. «لانك سمعت لقول امراتك واكلت من الشجرة التي اوصيتك قائلا: لا تاكل منها، ملعونة الارض بسببك. بالتعب تاكل منها كل ايام حياتك. 18 وشوكا وحسكا تنبت لك، وتاكل عشب الحقل. 19 بعرق وجهك تاكل خبزا وادم الأخير صار عرقه كقطرات دم نازله علي الأرض1ـ ليطهر الأرض من اللعنة بعرق جبينة 2ـ اخذ لعنة الأرض وهو الشوك الذي وضع علي رأس المسيح 3ـ ليقدم نفسه خبز الحياة الأبدية. وَإِذْ كَانَ فِي جِهَادٍ كَانَ يُصَلِّي بِأَشَدِّ لَجَاجَةٍ، وَصَارَ عَرَقُهُ كَقَطَرَاتِ دَمٍ نَازِلَةٍ عَلَى الأَرْضِ" (لو 22: 44) ثم نأتي الي السؤال الهام والذي يعد معضلة في علم اللاهوت لماذا صلي «يا ابتاه ان شئت ان تجيز عني هذه الكاس. لو 22: 42 سؤال مهم جدا ومحير جدا ! الم يأتي المسيح من اجل الصليب ؟ فكيف يصلي ان يجيز عنه هذا الكأس؟ وللاجابة علي هذا السؤال علينا ان ندرك ان المسيح حينما صلي قائلا أن شات ان تجيز عني هذه الكاس، صلي كممثل عن البشرية ورئيس الكهنة الجديد الذي يشفع عن شعبة في يوم الكفارة العظيم، وهنا لم يصلي المسيح من اجل نفسه ولا قصد كأس موت الصليب مطلقا، بل كأس الخطية والموت والهاوية الواقعة علي كل البشر. بمعني يا ابتاه ارفع كاس الموت الذي تجرعه ادم بعد السقوط ورجع له الحياة فقد جاء نسل المرأة الذي سوف يسحق رأس الحية يا ابتاه رد ارادتك التي سلبت من ادم في السقوط فانا اتيت لاتمام عدلك وسوف اموت لاجل نسل ادم المائت وبما ان المسيح هو حمل الله الذي اتي ليرفع خطية العالم اذا لابد من رفع عقوبة الخطية من البشرية وهي الموت
وقد صلي تلك الصلاة ان شئت ان تجيز عني هذه الكأس قائلا: ولكن لتكن لا ارادتي بل ارادتك». (كممثل عن جميع البشر)هذه الصلاة صلاها ثلاث مرات لماذا صلي ثلاث مرات هنا يوكد لنا ان يسوع بصفته رئيس الكهنة العظيم يشفع اما الثالوث لرفع الموت واللعنة لتقع عليه وحدة بصفته الذبيح الأعظم الذي سيدفع هو وحدة ثمن تلك الخطايا علي الصليب ويجتاز المعركة الفاصلة ليبدا عهد جديد وهنا صرخ لتكن ارادتك لا ارادتي فانا قد اتيت لرد كل المسلوب وهذا ما يؤكده كاتب العبرانيين "الَّذِي، فِي أَيَّامِ جَسَدِهِ، إِذْ قَدَّمَ بِصُرَاخٍ شَدِيدٍ وَدُمُوعٍ طَلِبَاتٍ وَتَضَرُّعَاتٍ لِلْقَادِرِ أَنْ يُخَلِّصَهُ مِنَ الْمَوْتِ، وَسُمِعَ لَهُ مِنْ أَجْلِ تَقْوَاهُ،" كرئيس كهنة (عب 5: 7). كاتب العبرانيين يقول سمع له أي ان الثالوث رفع عقوبة الموت الواقعة علي ادم الاول ونسله لكل من يؤمن ويحتمي في المسيح رأس الخليقة الجديدة لقد كانت دموعه صارخة لاجل البشرية وقد سمع له لاجل تقواه كأنسان وكشفيع
كل عام وحضراتكم بخير