السبت 27 يوليو 2024 04:09 صـ
الجارديان المصرية

رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير عبد النبى عبد الستار

مقالات

الدكتور القس جرجس عوض يكتب : الابن الخائن والقائد المخلص

الدكتور القس جرجس عوض
الدكتور القس جرجس عوض

من ابشع الحروب التي جرت في الكتاب المقدس تلك الحرب التي نشبت بين طرفين متحابين من دم واحد بين الابن وابيه. وقد سمعنا عن حروب كثيرة حدثت علي مر التاريخ الإنساني وقد راح ضحيتها الآلاف بل الملايين أيضا، وقد يحدث حرب بين العائلات المتنافرة والعائلات المقربة، وأما ان يحدث الحرب بين الاخوة فهذا شي مريب ولكنه حدث في بداية الخليقة بل واول دم سال علي الارض كان دم هابيل الذي قتل بيد أخيه قايين وهذه الحادثة اهتزت لها السماء وارتجفت لها الارض من اللعنة التي حلت عليها، وقدا توالت بعد ذلك الكثير من حرب الأخوة بعضهم لبعض وقد قام ابشالوم ابن داود بقتل أخيه امنون شقيقه من أبيه .
لكن ما تقشعر له الابدان والغريب والعجيب. بان تحدث الحرب بين الابن وأبيه، بين داود الاب وابشالوم الابن، بين داود المرنم وبين من لم يكن فيه عيب وكامل الجمال بل ان شئت ان تقول بين داود صاحب المزامير وابنه الخائن صاحب التدابير. اصطفت الجيوش ودقت طبول الحرب بين إسرائيل واسرائيل بين الملك وابنة وحينما تحدث الحرب لا تحسب لها الخسائر مسبقا فكل التوقعات غير محسوبة وغير محسومة سوي بالنتائج الفعلية. وفي كل الاحوال والظروف تكون النتيجة سلبية هي خسارة كل من الطرفين هذه الحرب ليس بها غالب او مغلوب بل الانتصار يحسب فيها انكسار وهذا ما حدث في تلك الحرب فقد أوصي داود رجاله قائلا ترفقوا بالفتي ابشالوم، لكن السيف لا يرحم والحرب لا تحسم، إلا بالانتصار او الهزيمة، وقد هزم ابشالوم وقتل وهو معلق من شعره ، ٩ وَصَادَفَ أَبْشَالُومُ عَبِيدَ دَاوُدَ، وَكَانَ أَبْشَالُومُ رَاكِبًا عَلَى بَغْل، فَدَخَلَ الْبَغْلُ تَحْتَ أَغْصَانِ الْبُطْمَةِ الْعَظِيمَةِ الْمُلْتَفَّةِ، فَتَعَلَّقَ رَأْسُهُ بِالْبُطْمَةِ وَعُلِّقَ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ، وَالْبَغْلُ الَّذِي تَحْتَهُ مَرَّ. ١٠ فَرَآهُ رَجُلٌ وَأَخْبَرَ يُوآبَ وَقَالَ: «إِنِّي قَدْ رَأَيْتُ أَبْشَالُومَ مُعَلَّقًا بِالْبُطْمَةِ». (٢صم ١٨: ٩، ١٠) وقد كان طول شعره سبب موته ووصل الخبر الي داود الاب والملك فناح وأطلق مرثاة قائلا يا ابشالوم ابْنِي، يَا ٱبْنِي يا ليتني مت بدلًا منك يا ابني: لم يتمكن داود من التوقف عن مرثاة وانغمسً في ندب ابنه، دون الالتفات الي قائد جيشه يوآب بن صروية او جنوده الذين قاتلوا من اجل الدفاع علي ملكهم داود وقد قتل الكثير من الجنود في تلك المعركة وها هو ينوح علي عدوهم، لقد غلبته مشاعر الأبوة فحرمته من مباهج الانتصار وقد حسب الانتصار انكسار، لقد تصرف داود بمبدأ المشاعر … وليس العقل عزيزي القارئ هل دخلت حرب مثل هذه الحرب وشعرت بالخسارة رغم الانتصار ربما اجتزت في حرب عائلية قد يكون مع ابنك او بنتك او زوجتك او اخيك ..الخ او حرب اجتماعية قد تكون مع المدير او صاحب العمل او رئيسك المباشر في كل الأحوال هي خسارة وما اكثر المشاكل الإدارية التي نمر بها حينما نستخدم مشاعرنا في وقت لابد ان نمكن العقل من تصرفاتنا، فكم خانتنا مشاعرنا وكم ندمنا، حينما تعاطفنا واتخذنا قرارات خاطئة بمشاعر كاذبة، وكم نجحنا وحققنا الكثير من الإنجازات حينما حكمنا عقولنا في قراراتنا، لم تكمن مشكلة داود في موت ابنه الخائن بل في إهماله لما حققه القائد المخلص من انتصارً عظيمًا، كان لابد ان داود يؤجل مشاعره ويحتفظ بحزنه لنفسه ويكرم القادة المخلصين رب ابن لم تلده لك زوجتك وأن لديه داعمين محبين ، وقد سمع القائد العظيم يوآب صراخ داود علي ابنه وعدوه في ذات الوقت: يا ليتني مت بدلًا منك يا ابني ومن هنا ثار يوآب ثورة عارمة علي الملك داود تري ماذا فعل يوآب بداود الملك ؟ هذا ما سوف نعرفه في المقال القادم والي ان نلتقي


#د.القس / جرجس عوض
راعي الكنيسة المعمدانية بالقاهرة

الابن الخائن والقائد المخلص جرجس عوض القس جرجس عوض مقالات جرجس عوض الجارديان المصرية