الجمعة 28 مارس 2025 02:36 مـ
الجارديان المصرية

رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير عبد النبى عبد الستار

مقالات

الكاتب الصحفي إسماعيل أبو الهيثم يكتب : عساكم من عواده

 الكاتب الصحفي إسماعيل أبو الهيثم
الكاتب الصحفي إسماعيل أبو الهيثم

كل عام وحضراتكم بموفور السعادة أعزائي المتابعين لصفحتي و مقالاتي لكم مني فروض التحية وواجبات التقدير والاحترام علي كريم المتابعة وعظيم التواصل ، وتأسيسا علي حرصي علي إسعادكم فإنه يسعدني أن أتقدم لحضراتكم بخالص التهنئة بقدوم عيد الأضحى المبارك بارك الله لكم فيه ورزقكم حسن الاستمتاع به واعاده الله عليكم سنوات طويلة أزمنة مديدة وأنتم في أحسن الأحوال مع الله سبحانه وتعالى.
وإني إذ أهنئكم بقدومه ليطيب لي أن أبين بأن العيد من شعائر الإسلام العظيمة، و سنن الدين القويمة، شرع الله فيه صلاة العيد لتجتمع فيها قلوبنا و أجسادنا، و نتعاطف و نتراحم و نتسامح و نتصافح، و تظهر الأخوة الإسلامية على حقيقتها، و شرع فيه زيارة الأهل وصلة القربي وإظهار السعادة والرضي كما شرع فيه الأضحية لنوسع بها على أنفسنا و اهالينا ومن له حق علينا وعلي الفقراء و ندخل الفرح عليهم ، فالأضحية مرغب فيها من نبينا صلى الله عليه و سلم علي من كل قادر عليها ، و لما كانت قربة إلى الله فإنه يشترط فيها أن تكون كاملة الأجزاء، سليمة من العيوب لقول الله تعالى في هذا المقام: (لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون ) ، و لقوله تعالى في مقام الذم: (و يجعلون لله ما يكرهون).
و قد كان نبينا صلى الله عليه و سلم يرغب في التصدق من لحمها على الفقراء لاسيما في أعوام المجاعة و الفقر ، فقد كان ينهى عن الادخار في مثل هذه الأحوال، فاجمعوا أيها الناس ـ على سنة رسول الله ـ بين سنة الأكل و الصدقة على الفقراء، فإن الوقت وقت عسير، و إن أعداد الفقراء ـ و هم إخوانكم ـ كثير.
واعلموا رحمكم الله أن هذه الشعيرة الدينية و أمثالها من الشعائر هي كالربح في التجارة، لا ينتظره التاجر إلا إذا كان رأس المال سالما، أما رأس المال في الدين فهو تصحيح العقائد، و تصحيح العبادات، و تصحيح الأخلاق الصالحة، و اتباع سنة نبينا صلى الله عليه و سلم في كل فعل و ترك، و المحافظة عليها و الانتصار لها، و نبذ البدع المخالفة لها، ثم صرف الوقت الزائد على ذلك في الأعمال النافعة في الدنيا، فإن الله لا يرضى لعبده المؤمن أن يكون ذليلا حقيرا، و إنما يرضى له ـ بعد الإيمان الصحيح ـ أن يكون عزيزا شريفا عاملا لدينه و دنياه، معينا لإخوانه على الخير، ناصحا لهم، آخذا بيد ضعيفهم، محسنا لهم بيده و لسانه، و بجاهه و ماله.
فضحُّوا تَقبّلَ اللهُ منكم، فما عَمِلَ ابنُ آدمَ يومَ النّحرِ عملاً أحبَّ إلى اللهِ مِن إراقةِ دمٍ، وإنَّ الدّمَ ليقعُ مِن اللهِ بمكانٍ قبلَ أنْ يقَعَ على الأرض، فطيبوا بها نفوسكم. وكلوا منها وأَهدوا وتَصدّقوا، وأكثروا مِن ذكرِ اللهِ وشُكرِه وتقواه، قالَ -جلّ في علاه : ﴿ لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ كَذَلِكَ سَخَّرَهَا لَكُمْ لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَبَشِّرِ الْمُحْسِنِينَ ﴾ الحج: ٣٧
فصححوا عباداتكم بمعرفة أحكامها و شروطها و معرفة ما هو مشروع وما هو غير مشروع ، فإن الله تعالى لا يقبل منكم إلا ما شرعه لكم على لسان نبيه صلى الله عليه و سلم.

أما انتم أيّها الآباءُ والأمّهات: فكونوا قدوةً حسنةً لأولادِكم، وسعوا عليهم ما استطعتم لذلك سبيلا ، ووجهوا تصرفاتهم لما يليق بخلقكم ، فلا ألعاب نارية ولا استخدام بنادق ولا كل مايؤذي النفس والغير ، ولا ما يقلق الناس ، علموهم استخدام مصروف العيد فيما ينفع ، وجنّبوهم مزالقَ الشّرِّ والفساد، وراقبوهم بِحُبّ، ووجّهوهم برفق، واحتضنوهم بوُدّ، وأَعيدوا لأُسْركم تماسُكَها وألفتَها ومحبّتَها، فكلُّكم راعٍ وكلُّكم مسؤولٌ عن رعيّتِه.

وأنتم أيّها الشّبابُ والفتيات: حافظوا علي سمتكم ، فلا تسرفوا في الزينة ولا تبالغوا في العري ، تأدّبوا بآدابِ الإسلام، وتَجنّبوا قرناءَ السّوء، واحذروا مِن مخاطر الشّبكات ومواقعِ الشّبهات، أصلحَكم اللهُ وحفظَكم من كيدِ الشّياطين، ورفعَ بكم رايةَ الوطنِ والدين.

تقبّلَ اللهُ طاعتَكم وعرف لكم جنتكم وكفر عنكم سيئاتكم وهداكم وزادكم هدي وأصلح بالكم وزاد رزقكم وبارك في ذريتكم ، وجعلَ عيدَكم مباركًا سعيدًا، وأَعَادَهُ عَلَيْكم بِالصّحةِ والعافيةِ والأمنِ وَالإِيمَانِ، وكلُّ عامٍ وأنتم بخير. وعساكم من عواده أزمنة عديدة وأزمنة مديدة وانتم بموفور الصحة والعافية.