الثلاثاء 15 يوليو 2025 11:14 مـ
الجارديان المصرية

رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير عبد النبى عبد الستار

مقالات

الومضه الثامنه والاربعون ( جزء ثان)

الكاتب الكبير علاء عبدالعزيز يكتب : أمنيات الصغار.

الكاتب الكبير علاء عبدالعزيز
الكاتب الكبير علاء عبدالعزيز

يوما ما ضرب الحظ أطفال حاره السلطان فجاورت مدرسه دار السعاده منازلهم مما شجع كثير من اطفال الحاره علي الالتحاق بركب التعليم .
هذا التجاور أقنع الاهالي أيما إقناع علي ان العلام بات ضروره ملحه لأبنائهم، خاصه ان الاداره التعليميه أعلنت عن خبر سار زف الي اسماع اهل الحاره عن طريق المذياع.
محتوي الخبر ان هناك وجبه مدرسيه توزع علي التلاميذ في الراحه المضروبه بعد منتصف اليوم الدراسي وذالك مثل حافز جيدا للاباء والابناء لارتياد المدرسه القريبه السعيده.
لم تكن الوجبه المدرسيه الحافز الوحيد لانتظام التلاميذ ولكن هناك حافز أكبر كان يدعوهم للقيام مبتهجين صباحا وحين تسأل الامهات عن سبب البهجه الغير مبرره وقد قاوموا لذيذ النوم واستيقظوا مبكرا ، جاء الرد سريعا من الابناء :
عندنا اليوم حصة ألعاب وحصه احتياطي !
التعلم كآن قولا ثقيلا علي قلوب واذهان تلاميذ حاره السلطان الذين يتطوقون لسماح الحكايات من المعلمه التي ما أن تدخل الفصل في حصة الاحتياطي حتي تجد التلاميذ ينتظمون في مقاعدهم سريعا فتبتسم المعلمه وتبدأ كل حصه من الحصص الاحتياطي في طرح أحد الاسئله التي تروق لمخيله أبناء الحاره وتدعوهم الي مغادره الحاره الضيقه الي العالم الرحب الكبير ، وسؤال اليوم من المعلمه كان سؤالا بسيطا كالعاده ومباحا لتفاوت ذكاء الاذهان :
ماذا تأملون عندما تكونوا كبارا؟
الاولاد كانوا أسرع في رفع اليد وطلب الحديث ، فسمحت لهم المعلمه ، فجاءت الردود علي النحو التالي ؛
أول المتحدثين تمني أن يغادر الدراسه الي الابد وينام حتي الظهيره ، فضج الفصل بالضحك وصاحت المعلمه وهي تبتسم :
أول القصيده كفر!! تولي الثاني رفع يده يريد عندما يكبر ان يكون طبيبا ، والثالث يريد ان مهندسا لامعا ولكنه كي يكون كذالك لابد له من مغادره الحاره الي بلاد الخواجات ، والرابع كرر امنيه الثالث ولكنه ذاد في امنيته وهو ان يكون ضابطا بالجيش لانه لايقوي علي مغادره الحاره ، والرابع أراد ان يعمل بالتجاره مع اباه والخامس تمني ان يكون نصابا يستغل من حوله ليظفر بالمال، والسادس لاعب كره فذ أما السابع كانت أمنيته غريبه عندما أعلن انه سوف يصير خطيب وإمام مسجد مثل أباه ، وهنا إنقسم الفصل تجاه أمنيه الطفل الي فريقان ، فريق يرثي لامنيته ويعتبر ان وظيفه الاب ليست وظيفه ولكنها عمل تطوعي بجانب الوظيفه وهؤلاء صمتوا كي لايجرحوا زميلهم ، وفريق اخر ملأ الفصل صياحا وإستنكارا لما قاله الطفل الذي مازال علي أعتاب الفهم لم يتخطاها الي الإستيعاب ، بعدها امتلكت المعلمه زمام الامور ، وتحولت الي البنات الئي صمتن جميعا لبرهه من الوقت ثم تكلمن بصوت ضعيف اقرب الي الإرتجاف منه الي حراره القول :
الأولي أرادت عندما تكبر أن تكون أكثر بيضا وان يخرطها خراط النساء ، والثانيه ارادت الزواج من ثري لانها لاتريد عناءا في تربيه أولادها مثل امها في الحاره ،والثالثه ارادت زوجا لايضربها بعد الزواج ، والرابعه أرادت انت تنام حتي الظهيره والا يوقظها احد قبل ذالك، والخامسه أرادت ان تتزوج زوج يملك سياره فقد كانت تكره المشي ، والسادسه ارادت ان تتزوج ممن تحب وترحل بعيدا عن الحاره ، والسابعه ارادت الالتحاق بالازهر حتي تُعَلم اولادها الدين الصحيح .
بعد حديث البنات عن أمنياتهم ، إنتاب المعلمه خيبه أمل في مستقبل النساء ، وأيقنت ان مجتمع الحاره سوف يظل مجتمعا ذكوريا فتره ليست بقليله من الزمان ، الغريب في الامر ان كل ولد من الاولاد قد أصبح ماتمني في صغره عندما صار رجلا وتحقق للاولاد ماتمنوا .
في ذالك اليوم البعيد أصاب المعلمه الاحباط من امنيات البنات، ساعتها همست بينها وبين نفسها:
ليتهم تمنوا شيئا بجانب الزواج.