دكتور رضا محمد طه يكتب : مرض تعفن الدم الخطير وأمل جديد في العلاج


تعفن الدم أو ما يسمى ب"الإنتان sepsis" من الحالات الخطيرة التي تحدث عندما تكون استجابة الجهاز المناعي شديدة ضد العدوي الميكروبية مثل الالتهابات البكتيرية أو الفيروسية أو الطفيليات مما يترتب على ذلك الإضرار بأنسجة الجسم وأعضائه. والأشخاص الأكثر عرضة للإصابة هم ذوي المناعة الضعيفة مثل كبار السن والصغار والحوامل وأصحاب الأمراض المزمنة، حيث ينتج الجهاز المناعي خلالها مواد كيميائية تسبب الالتهاب بصورة جامحة أثناء مواجهة الميكروب في محاولة للقضاء عليه ، تسبب تلك المواد تلف في العضو المصاب وقد يحدث تخثر للدم بما يعيق وصول الغذاء والأكسجين اللازمة في الأطراف. تتمثل أعراض المرض الشائعة في حمي وارتفاع درجة الحرارة وسرعة ضربات القلب والتنفس السريع وآلام بالجسم وقد يؤدي إلى صدمة وتعفن ومن ثم فشل في أعضاء متعددة بالجسم والوفاة إذا لم يكن العلاج سريعاً وفعالا بما فيه الكفاية.
أظهرت الأبحاث الحديثة أن العدوي ليست هي السبب الحقيقي وراء الالتهاب المتصاعد وانما الخلايا المحيطة بها وتحاصرها حتي لو لم تكن تلك الخلايا مصابة ، لكنها تتصرف وكأنها مصابة وتموت ، في تلك الأثناء التي تموت فيها ترسل رسائل إلي خلايا أخري، تتسبب هذه الرسائل في موت الخلايا المستقبلة للرسالة، وفي حالة فهم سبب السلسلة القاتلة من الرسائل، يصبح من السهل إيقافها وعلاج هذا المرض الخطير. في محاولة لفهم آلية التسلسل في موت الخلايا للمصابين بمرض تعفن الدم حتى يتمكنوا من ايقافها، حيث وكما هو الحال في قلم السم، تطعن الخلايا جيرانها برسالة قاتلة مؤدية إلي تفاقم حالة تعفن الدم وهذا ما كشفت عنه تقرير صدر في 23 يناير الفائت من مجلة سيل Cell والذي قام به باحثون من كلية الطب بجامعة كونيتيكت مما أفاد في فهم جديد لهذا المرض الخطير الذي هو أحد الأسباب الأكثر شيوعاً للوفاة في جميع أنحاء العالم وفقاً لمنظمة الصحة العالمية WHO حيث يقتل 11 مليون شخص كل عام.
لمنع إنتشار العدوي تقوم الخلايا المصابة بتدمير نفسها عن طريق إرسال بروتين يسمي جازديرمين -دي gasdermin-D إلي سطحها حيث ترتبط مع هذا البروتين لإنشاء مسام مستديرة فيما يشبه ثقب في بالون يعقبه تسرب محتوى الخلايا ومن ثم تنهار وتموت، لكن الانهيار الخلوي هذا في بعض الأحيان ليس حتميا حيث تستطيع الخلايا التصرف بسرعة وتطرد الجزء من غشاء سطحها المحتوى علي مسام جازديرمين -دي ثم تغلق تغلق الغشاء وتنجو، يمثل الغشاء المطرود أو المحذوف فقاعة صغيرة تسمى الحويصلة والتي تطفو عندما تصادف خلية قريبة الأمر الذي يؤدي إلى أن تخترق مسام جازديرمين -دي القاتلة غشاء الخلية القريبة السليمة متسببة في انسكابها وموتها. لذلك تمثل الرسائل القاتلة أحد الآثار الجانبية للخلايا التي تحاول إنقاذ نفسها، كما تعمل هذه الرسائل القاتلة على تغذية الالتهاب المتصاعد في مرض الإنتان ، من أجل ذلك يسعي فريق البحث لإيجاد طريقة لتثبيط حويصلات جازديرمين -دي القاتلة وإذا نجحت هذه الطريقة سوف يؤدي إلى علاج الامراض الالتهابية مثل تعفن الدم.