وفاء أنور تكتب : الإنسانية.. بداية ونهاية


بعض الكلمات التي ننطق بها تشبه قطعًا من الحلوى نهديها بقلوبنا لمن أحببناهم، تشبه باقات زهر جمعناها بأيدينا لكي نمنحها لمن يشبهوننا ونشبههم، نعبر لهم بها عن نوايانا بكل صدق، نمطرهم بأحاسيسنا الغضة، نسكنهم بداخل القلب، نبرهن على محبتنا، نترجم مفردات حديثنا، نحوله لحكايات عذبة، نتقاسمه معهم ومع كل نفس تمتلك روحًا نقية، اعتادت أن تقتسم سعادتها مع غيرها وتسعد بذلك.
خلقنا الله هكذا -على الفطرة- مكن لنا في أرضه بفضله وبرحمته، منحنا القدرة على قراءة المشهد، أرشدنا لحقيقتنا فتمكننا من فرز المشاعر المحيطة بنا، أي منها جوهره المحبة الخالصة وأي منها قد تغطى بطبقة السكر الخادعة، تتغير المفردات أحيانًا وتتشابك المقاصد وتتعقد، وتبقى إنسانيتنا الحقة بوصلة إيمان تحكمنا وتمهد الطرق لنا.
النفوس تغيرت، الأيادي باتت تسعد بزراعة صبارها المر، تغرس أشواكها بكل قلب تقابله بلا رحمة، مفاخرة بتفريطها هذا في إنسانيتها، سعيدة بأنها تبيع مصداقيتها بلا مقابل أو ثمن، تخدع هؤلاء وتكذب عليهم دون خجل أو وجل، تصدر السيء من طباعها، تنشره معتزة بأنها تغيرت وبايعت الأسوأ، تسير مع كل ركب يرعى في أرض موحلة، تهلل لكل حدث جلل، كأنها تباركه!
يشكو البعض من برائته، ينزعج منها ومن وهج طاقتها، يسعى للتخلص منها شيئًا فشيئا، فهو لم يعد يؤمن بجدواها، بأهميتها وبنتائج التعامل بها، لا يغرنك تكرار هذا الفعل، فالسائد بين الناس ليس هو الحق، ستبقى الإنسانية لنا عنوانًا، طريقًا ومسلكًا، دربًا لمن اعتنق العمل لدنياه، وعينه لا تغفل أبدًا عن موعد انتهاء رحلته