السبت 20 أبريل 2024 12:44 مـ
الجارديان المصرية

رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير عبد النبى عبد الستار

منوعات

تساؤلات عن دورة الحياة والموت!

دورة الحياة والموت
دورة الحياة والموت

عندما يفكر الإنسان في حياته يرى أنه حين ينام لا يحس بالزمن أو الأحداث وكأنه في (موت مصغر) وعندما يستيقظ يرد الله إليه روحه، لذلك كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول عندما يستيقظ من نومه "الحمد لله الذي أحيانا بعد ما أماتنا، وإليه النشور".

في السطور التالية نستعرض بعض التساؤلات عن قانون اليقظة وقانون النوم، وماهي حياة البرزخ؟ وهل يعذب الناس في قبورهم؟ ولماذا يعذب الله المنتحر رغم أننا جميعًا في النهاية سنموت؟ وكيف نعبد الله بحق؟ هذه التساؤلات يجيب عليها فضيلة الشيخ محمد متولى الشعراوي من خلال كتابه القيم "الحياة والموت":

1. ما الفرق بين النوم واليقظة؟
- الإنسان عندما ينام ينتقل من قانون إلى قانون، فهو في حالة اليقظة تحكمه قوانين محددة تخضع للعقل والمنطق لكنه عندما ينام يصبح في عالم آخر لا يخضع للعقل ولا للمنطق ولا لمشاهد الدنيا ولا يحس الإنسان بالوقت وهو نائم ويرى في أحلامه وعيناه مغمضتان أنه يضحك أو يبكي وقد يرى نفسه يسقط من جبل عال، وقد يتحدث إلى أشخاص انتقلوا إلى رحمة الله منذ فترة طويلة.
هذا الانتقال من قانون اليقظة إلى قانون النوم يحدث لكل منا لكن الله سبحانه وتعالى رحمة بعقول عباده أراد أن يعلموا أن الإنسان حين ينام ينتقل إلى عالم الموت وعند اليقظة يرد الله سبحانه روحه إليه.. لماذا؟ حتى يعرف الإنسان أنه من الممكن أن ينتقل من قانون إلى قانون آخر.. فإذا قيل له إنه في الآخرة سيخلد فإنه لا يتعجب.

2. يقول الله عز وجل (( يخرج الحي من الميت ومخرج الميت من الحي)) وإذا كان كل ما في هذه الدنيا له حياة.. فمن هو الميت الذي سيخرج منه الحي؟
- نقول إن مراحل حياة الإنسان، أو رحلة الحياة التي يقوم بها مقسمة إلى أربع مراحل: المرحلة الأولى: موت في عالم الغيب. والمرحلة الثانية: حياة في الدنيا، والمرحلة الثالثة: موت في حياة البرزخ. والمرحلة الرابعة: حياة خلود إما في الجنة وإما في النار.
وهكذا نعرف أن الموت له نهاية. وأن الحياة هي الأصيلة في الكون والموت طارئ عليها، وفي ذلك يقول الله عز وجل (( كيف تكفرون بالله وكنتم أمواتًا فأحياكم ثم يميتكم ثم يحييكم ثم إليه ترجعون)).

3. الإنسان في قبره زائر.. ماذا تعني هذه العبارة؟
- عندما يحين الأجل تأتي ساعة الاحتضار وتعقبها حياة القبر ثم تنتهي هذه المرحلة بالبعث ولو دققنا النظرة لأدركنا أن هذه المرحلة أو هذه الفترة وجيزة لا تقاس بما يتبعها من حياة بعد النشور، أي أن الإنسان في القبر هو مجرد زائر وليس مقيمًا إقامة دائمة وما دام زائرًا فإن الزيارة مهما طالت سيأتي لها وقت وتزول وتنتهي.

4. متى يبدأ الموت؟
- يبدأ الموت بالاحتضار، ومعنى الاحتضار أن حياة الاختيار البشري قد انتهت وتبدأ مرحلة جديدة لا اختيار له فيها، يعرف يقينا أنه ميت لأنه يرى الملائكة ويرى من كون الله ما كان محجوبًا عنه، يقول الله عز وجل ((لقد كنت في غفلة من هذا فكشفنا عنك غطاءك فبصرك اليوم حديد)) في هذا اللحظة تتحدد المصائر يقينا إما إلى الجنة أو إلى النار.
إما أن يرى ملائكة الرحمة يبشرونه بالجنة فيموت وهو منشرح الصدر وإما أن يرى ملائكة العذاب، فأهل الجنة حين يحضرهم الموت يقول الله سبحانه وتعالى ((الذين تتوفاهم الملائكة طيبين يقولون سلام عليكم ادخلوا الجنة بما كنتم تعملون))، أما الذين عصوا الله فإن لقاءهم مع الموت يختلف. يخبرنا بذلك القران الكريم ((ولو ترى إذ الظالمون في غمرات الموت والملائكة باسطوا أيديهم اخرجوا انفسكم اليوم تجزون عذاب الهون بما كنتم تقولون على الله غير الحق وكنتم عن آياته تستكبرون))
إن ساعة الاحتضار كما صورها لنا القرآن الكريم تزيل الحجب وترفع الغطاء وتحد البصر وتكشف كل ما كان غيبًا في هذه اللحظة تبدأ أول منازل الآخرة لأن من مات قامت قيامته وعرف آخرته. وهو حين يموت يسمع لكنه لا يستطيع الرد، ويرى ولكنه لا يستطيع ان يروى ما يراه.

5. هل يشعر أهل القبور بنا وهل لهم حياة خاصة؟
- يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم لنا ((إذا زرتم المقابر فسلموا على أهلها. وقولوا: السلام عليكم ديار قوم مؤمنين))، وهذا يعني أن هناك إدراكات يعرفها الميب ولكن حياة القبر ليس فيها زمن فمن مات في أول الدنيا كمن مات بعده بآلاف السنين.

6. ما المقصود بحياة البرزخ؟ وهل يعذب أصحاب القبور؟
- حياة البرزخ (البرزخ هو الفاصل بين الأحياء والأموات)، لا عذاب إلا بعد الحساب ومع هذا فالإنسان وهو في قبره يرى مقعده من النار ومقعده من الجنة. لماذا؟ ليعرف المؤمن فضل الله عليه لأنه نجا من النار ويدرك هذ الفصل عندما يرى النار ولهيبها ويرى الجنة ونعيمها بينما يتحسر الذين ظلموا أنفسهم وحرموها من النعيم المقيم عندما يرون ما صاروا إليه من العذاب المهين، ولاشك أن انتظار البلاء أشد من وقوعه.

7. لماذا أخفى الله سبحانه عنا موعد الموت؟
- أخفى الله سبحانه وتعالى عنا موعد الموت بحيث لا يدري به أحد، وهذا الإخفاء من الله له حكم بالغة أولها إن الإنسان يتوقع الموت في أية لحظة فيسارع إلى فعل الخيرات خوفًا من أن يهلك وحسناته قليلة كذلك تمتنع عن السيئات خوًفًا من أن تفعلها ولا يمهلك القدر حتى تتوب فتموت وأنت عاص.
ولا سبب للموت إلا الأجل لا تصدق أن مرضًا يقتل أو رصاصة تصيب إلا اذا انتهى أجل الإنسان في هذه الحياة، لا تأخذ بالأسباب في الموت لأن الموت يوم أن يأتي فكل الكون أسبابه ولا أحد يستطيع أن يمنعه.

8. لماذا يخلد المنتحر في النار؟
- لأن الإنسان لم يخلق نفسه فلماذا يتصرف فيها؟! الله سبحانه وتعالى هو الذي خلقه.. وهو بجسده وروحه وحياته ملك لله.. فإذا انتحر فإنه يكون قد أهدر ما لا يملكه، والذي يقتل نفسًا وهو غير متعمد فجزاؤه الدية، أما الذي يقتل نفسًا عامدًا متعمدًا بغير نفس أو فساد في الأرض فجزاؤه جهنم خالدًا فيها، والمنتحر قتل نفسه عامدًا متعمدًا فحق عليه العقاب.

9. خلق الله الكون لهدف محدد فما هو؟
- قال الله سبحانه وتعالى ((وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدونِ، ما أريد منهم من رزق وما أريد أن يطعمونِ، إن الله هو الرزاق ذو القوة المتين)) الهدف من خلق الكون هو عبادة الله وتسبيحه وتمجيده وتعظيمه، والله لم يحدد بالاسم هنا إلا الجن والإنس بينما ترك باقي مخلوقات الكون بلا تحديد.. لماذا؟ لأنهم المخلوقات الوحيدة التي أعطاها الله حرية الاختيار.. فهي تستطيع أن تؤمن وتستطيع والعياذ بالله أن تكفر وتستطيع أن تطيع وأن تعصى أما باقي أجناس الكون فهي مقهورة على الطاعة لا تستطيع أن تعصى وهي مسبحة لله تعالى دائمًا.

10. يقول الله عزوجل "إنا عرضنا الأمانة على السموات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الانسان إنه كان ظلومًا جهولًا" ما المقصود بهذه الأمانة؟
- المقصود بهذه الأمانة هي (حرية الاختيار) حرية أن تكون قادرًا على الطاعة وعلى المعصية.

11. كيف تكون العبودية الحقة لله؟
- لا تكون العبودية الحقة بالالتزام بأركان الاسلام الخمسة فقط، فالصلاة بعد الصلاة تعطينا الشحنة الإيمانية التي تقينا من الانحراف عن منهج الله وتشدنا لله تبارك وتعالى، وكذلك الصوم والزكاة والحج وكل عبادة هي نور من الله يعيد إلينا توازننا الإيماني كما تفعل عندما تضعف البطارية فتضعها على مصدر الكهرباء لتشحن من جديد.
ولأن الإسلام يشمل منهج الحياة كلها فإنه يغطي كل حركة فيها فالله وزع الثواب على كل حركة الحياة فجعل ثوابًا لمن يزور المريض، ومن يحكم بين الناس بالعدل، ومن يحسن معاملة جاره، ومن يرفع الأذى عن الطريق ومن يصل رحمه، ومن يعين عاجزًا على عبور الطريق، ومن ينفق على بيته وأولاده، ومن يقضى جوائج الناس ومن يزيل ظلمًا وصاحب الكلمة الطيبة، وصاحب النصيحة، والساعي في سبيل رزقه ورزق أولاده ومن ينهي عن المنكر ويأمر بالمعروف وعشرات الألوف من الأعمال التي لا تدخل في أركان الإسلام ولكن عليها ثواب عظيم طالما أن الإنسان يفعلها ويقصد بها وجه الله تعالى.

12. إذا كان الله قد خلقنا لنعبده فهل معنى هذا أنه سبحانه في حاجة إلى هذه العبادة؟
- نقول إن الله مستغن بذاته عن جميع خلقه.. لا تضره معصية، كما لا تنفعه طاعة.. لقد خلقنا مختارين.. فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر.. ليأتيه من شاء عن حب لا عن قهر.

13. "أيحسب الإنسان ألن نجمع عظامه بلى قادرين على أن نسوي بنانه" ما أوجه الإعجاز في هذه الآية الكريمة؟
- أي أن قدرة الله تبارك وتعالى.. لا تقف عند إعادة العظام التي تبلى وتصير ترابًا بل تتعالى قدرته سبحانه إلى إعادة الأنامل وتسوية البصمة التي تميز الإنسان عن الآخر منذ عهد آدم إلى يوم القيامة، والغريب أنه كما أن للإنسان بصمة للأصابع فهناك بصمة للعين وبصمة للجسد (رائحة) تميزه عن سائر جنسه يستدل عليها الكلب البوليسي كما أن هناك بصمة للصوت وبصمة للأسنان بل إن كل جسد له شفرة تعرفها كل أعضاء الجسد بحيث لا يختلط جسد مع جسد آخر أبدًا، وهذا ما نلاحظه في عمليات زرع الجلد والأعضاء، فالإنسان عندما يجرح نجد أن الجلد يلتحم مع بعضه البعض وينسج النسيج الذي يقضي على هذا الجرح أما إذا جئنا له بعضو أو جلد من شخص آخر نجد الجسد يحاربه ويطرده حتى لو كان من أخ له أو ابن أو ابنه.

14. لماذا سمي يوم القيامة بيوم الحشر؟
- لأن كل من دفن في الأرض ـــ منذ أن خلق آدم عليه السلام ـــ سيخرج منها رغم أنهم لم يدفنوا مرة واحدة بل دفنوا عبر قرون كثيرة وتناثرت أجزاؤهم في أماكن متباعدة إلى أن تحولت إلى تراب لكنهم سيخرجون مرة واحدة بأمر الله فتضيق بهم الأرض لهذا سماه سبحانه يوم الحشر لأن الزحام سيكون شديدًا، يقول الله عز وجل (( يوم تشقق الأرض عنهم سراعا ذلك حشر علينا يسير)).