الكاتب الصحفي الكبير وصفى هنرى يكتب : الوعي الثقافي هنري بقطر (٣ )


كان لوالدى هنرى بقطر تأثيرا بالغا على تشكيل وعيى الثقافى والمعرفي لكن التأثير الأعمق والأشمل فكان لخالى مهدى " نسيم شاكر " وله حكايات منفردة كتبتها عن تجربة مجلة الجيل الصاعد
اشبه ابي تماما فأنا لم أنتمى لأى تنظيم او حزب فى حياتى ، لذلك لم الحظ علي ابى انتمائه لاى حزب من الأحزاب قبل الثورة و رغم تعيينه فى اللجنة الاساسية للاتحاد الاشتراكى العربى عام 1963 فإنه لم يكن سعيدا ولا فخورا بذلك رغم احتفائنا به فى المنزل وغنينا له الاغنية الشهيرة فى ذلك الوقت آديك اهو خدت العضوية وصبحت فى اللجنة الاساسية أبو زيد زمانك ، لكنه فقد هذا التشريف بمجرد خروجه على المعاش عام 1967 , لم اسمعه مرة واحدة يتحدث فى السياسة أو يناقش أمرا سياسيا مع أحد إلا مع عمى عندما يقوم بزيارتنا كل صيف مع اسرته وكانا يتحدثان همسا... و مع ذلك كان حريصا على متابعة نشرة الأخبار فى الإذاعة ، و كان ايضا حريصا على وجود جريدة الأهرام يوميا وكنت اتخيل انه يقرأها اكثر من مرة وكنت أقلده فى ذلك بسماع نشرات الأخبار معه ومتابعتها جيدا ، وقراءة الأهرام دائماً حتى اننى أدمنت قراءة الجريدة فى الحمام كما كان يفعل هو .. مع اختلاف أولويات القراءة فانا كنت أبداها من الصفحة الاخيرة باب " من غير عنوان " الذى كان يشرف عليه كمال الملاخ ثم بعدها صدق او لا تصدق ثم المسلسل اليومى طرزان ومازلت اضحك عندما اتذكر جملة "واشتم طرزان رائحة الخطر".
كان والدى يحب الرحلات واول مرة شاهدت سواقى الفيوم كنت معه فى عام 1962 , واصطحبنى ايضا فى عام 1963 لزيارة قناة السويس وكان مرتديا كالعادة بدلة كاملة وكرافت مع ان الجو كان دافئا و الزيارة كانت لمدن القناة الساحلية , كما انه دفع لى فى عام 1966 مبلغا كبيرا وقدره " 75 قرشا " تكاليف رحلة اسبوع كامل شامل السفر والإقامة وثلاث وجبات يوميا للأقصر وأسوان .
كان والدى أيضا مهتما بالشعر والأدب وكان يصطحبنا معه اخى وجيه وانا الى جمعية الشبان المسيحيين فى شارع الجمهورية بالقرب من ميدان رمسيس " باب الحديد " ... كان يرأس هذه الجمعية فى نهاية الخمسينيات و حتى بداية السبعينيات ابن عم ابى الشاعر والأديب خليل جرجس خليل , كان عمى خليل عضوا فى اتحاد كتاب مصر وكان يرأس تحرير مجلة صوت الشرق التى كانت صوت جمعية الصداقة المصرية الهندية التى كان يرأسها عمى خليل ايضا والتى بدات اول اصداراتها عام ١٩٥٢.
كان والدى يصطحبنا الى ندوة او حفل يقام شهريا فى جمعية الشبان المسيحيين بشارع الجمهورية .. بدات صغيرا فى الاستماع الى الشعر واستعذابه بأصوات فطاحل الشعراء , كما كنت انتشى بأصوات اساطين الطرب والغناء , والاستمتاع بالشاى الهندي وقطع الحلوى الهندية .
اذكر من الشعراء الشبان حينئذ الذين استمعت واستمتعت بأشعارهم ... الشاعرة علية الجعار والشاعر محمد الشهاوى الذى التقيته بعدها بخمسين عاما 2014 فى الاسكندرية
والشاعر الشاب عبد الوهاب محمد الذى قرا علينا قصيدته نقطة الضعف اللى فيا هى قلبى التى غنتها فيما بعد فايزة احمد من تلحين محمد سلطان ... كان عمى خليل يستضيف بعض المطربين الشبان الصاعدين , استمعت فى ذلك الوقت للمطربة ملك رامى التى كات تبهرنا بأغانى فيروز كذلك المطرب محمد رشدى والمطرب الصاعد الرائع محمد العزبى مطرب فرقة رضا... كما إستضاف ايضا عدة مرات المطربة وعازفة العود الأسطورة " لور داكاش " وهى احدى المطربات المخضرمات التى كانت تمتعنا وتشجينا بصوتها الرائع وعزفها المبهر على العود , كما أحيا العملاق وديع الصافى حفلة هناك حيث استمعت لاول مرة لأغنية الله يرضى عليك يا إبني " بتعيش عالزيتون والجبنة " ... التقيت هناك الممثلة المثقفة ذات الصوت المميز ملك الجمل والممثلين العملاقين محسن سرحان وعبد الغنى قمر , كذلك التقيت نجم ساعة لقلبك محمد احمد المصرى " ابو لمعة " الذى رايته مرة فى السعيدية الثانوية حيث كان ابو لمعة مديرها المهيب الشخصية وأذكر انه كان هناك لقاء فى كرة القدم بين مدرستى الفسطاط الثانوية وبين مدرسة السعيدية التى كان لها ملاعب ومدرجات لكرة القدم والسلة , وانهزمنا من السعيدية في نهائي تصفيات كرة القدم للمدارس الثانوية هزيمة ساحقة 4 صفر ... كنت حريصا ان احصل على توقيع من التقى بهم فى نوتة " اوتوجراف " كنت أحمله دائما معى .
مرة زارنا عمى الأديب والشاعر خليل جرجس خليل فى اوائل الستينيات 62 او 63 , و كانت تزين غرفة الصالون أربع لوحات ذات إطار ذهبى ارضيتها من القطيفة الحمراء ومكتوب عليها عبارات رأس الحكمة مخافة الله , إتقِِ شر من احسنت اليه , الله محبة , والرابعة كانت
اهلا وسهلا ومرحبا
ان لم يسعكم دارنا
ففى القلبِ منزل رحب
ولانها مكتوبة على هيئة ابيات شعرية ولكنها ليست بشعرا خاطب عمى خليل والدى منتقدا العبارة الآخيرة انها ليست موزونة وخالية من اى حس فنى او ادبى فسأله والدى إن كان يستطيع أن يوظف هذا المعنى شعرآ فأحضرت بسرعة ورقة وقلما وبعد دقيقتين شدى الشاعر خليل جرجس خليل ببيتين مازلت أحفظهما عن ظهر قلب
أهلا وسهلا ومرحبا ... الأهل قد سعدوا بكم
إن لم يسعكم دارنا ............ فقلوبنا دار لكم
وصفي هنري
٢٨ يوليو ٢٠٢٣
٢١ ابيب ٦٢٦٤
اخترت ٧ صور ووثائق مرفقة يجب وحتما مشاهدتها :
صورة لأبي وأمي عام ١٩٥١
صورة مع ابى في زيارة لقناة السويس 1963
مع العائلة امام المنزل 1960
كلمة للذكرى من أبى بخطه الجميل 1965
صورة لزيارة اسوان عام ١٩٦٦
توقيعات على الاوتوجراف لكل من ملك الجمل ووديع الصافى وابو لمعة