شبراوى خاطر يكتب : الدراسات الإعلامية، قضية تبحث عن حل


لا تزال قضايا العمل الإعلامي المصري تشغل بال المتخصصون وأصحاب المصلحة الوطنية من المخلصين في مصر، فهم يتناقشون سعيا للوصول إلى حلول جذرية لهذا الملف الذي اصبح بلا أب ولا مؤسسة واضحة المعالم تتولى شئونه. إنه ملف تعليم الدراسات الإعلامية، حيث تشير بعض البيانات الى تخطى أعداد الخريجيين سنوياً العشرة آلاف خريج من كافة أقسام الإعلام، تلقي بهم اكثر من ٤٣ كلية ومعهد وأكاديمية كل ام. فأين يذهبون وماذا يعملون؟
ففي بوست نشره الدكتور الفاضل "حسن علي" على منصة الفيسبوك يتساءل فيه قائلاً: "كيف هوت كليات الإعلام من قمة التنسيق للقاع؟ عندك تفسير؟
وانهالات عشرات التعليقات من الخبراء والمهتمون بالدراسات الإعلامية في مصر.
فمنهم من كان ينصح بضرورة أن تكون مواصفات الطالب الملتحق بكليات الإعلام ..أولها الثقافة، قبل المجموع، ذلك لإن المجموع وحده ليس دليلا كافيا على التفوق والنبوغ! وأن هناك مجموعة مهارات ضرورية .. يجب توافرها في دارس الإعلام. ومن الضروري قياسها . وأن من الأفضل ان يكون الطالب مثقفا قبل التحاقه بالكلية.
بالإضافة إلى مظهر مناسب وقدرة على النطق الصحيح صوتيا . وقدرات اتصالية جيدة، لأن الطالب الانعزالي الانطوائي لا يصلح لدراسة الإعلام ولأن الطالب الذي يهمل مظهره لا يصلح لدراسة الإعلام، وأن الحكاية ليست مجموعاً ولا وجاهة اجتماعية.
وعلق أحدهم قائلاً أن الذي كان يرفع تنسيق الاعلام سابقاً عدم وجود غير كلية الاعلام جامعة القاهرة وكان لازم التنسيق يرتفع حتى لا يتخطى حد استيعاب الكلية، اما الآن وقد زادت عدد كليات الاعلام فالأمر قد اختلف.
وعلقت أخرى بأن تعليم الإعلام أصبح بلا مستقبل، من يريد أن يلتحق بدراسة الإعلام عليه أن يأخد كورسات وتقول لأنه من وجهة نظري بعد سنين عمل وبعد ما كنت من أوائل إعلام القاهره لم أجد مكان هنا في مصر لأن كل شلّه ماسكه مجموعه قنوات ما بيدخلوش حد غير المعارف.
وقال آخر.. بصراحه وبدون زعل
فإن لجان قطاع الإعلام في المجلس الأعلى التي وافقت على كل كليه ومعهد إعلام خاص وحكومي، وقسم اعلام تربوي، وقسم إعلام في كليات آداب في كل مدينه و قرية وحي وشارع...
بدون اي معايير او حاجة مجتمعية، او علمية هذا هو السبب الرئيسي.
وعلّق آخر مؤكداً على اتهامه لجان القطاع بأنها لجان فنية لا تمنع ولا يؤخذ رأيها هي فقط تفحص ما يطلب منها فحصه. ثم توصى .. يعني لا سلطة للجان القطاع في فتح او غلق وليس لها سوى ما تبديه من ملاحظات.
وقال آخر؛ علشان الاعلام اللي بيستضيف كل اللي مش لاقي شغلانه وبيروح يشتغل في اذاعة تحت بير السلم او يبقي بلوجر او اي مسمي من اللي طالعين وأصبح الاعلام مهنة كل ماليس له مهنه والإعلام في القنوات الخاصة بيستضيف هؤلاء ويمدحهم ويلمعهم.
وأضاف آخر؛ أين فرص العمل في المؤسسات الصحفية القومية فليس من الممكن دخول أحد فيها وهناك من تدرب فيها وعدى ال١٥ سنه بدون تعيين والجرائد الخاصة والحزبية ممكن تتقفل بسهوله وماسبيروا به نكبته والقنوات الخاصة صعب الوصل إليها هيدخلوا كليات يعملوا بها ايه، لأنه مفيش شغل بعد التخرج.
وقال آخر؛ هناك سببين لذلك:
الأول، هو عدم وجود فرص عمل حقيقية لخريجي الإعلام والدليل القنوات الفضائية بالقائمين عليها من غير خريجي الإعلام...
الثاني ... موضة تأسيس كليات الإعلام في كل الجهات التعليمية الحكومية والخاصة لدرجة الانتفاخ نتج عنه ما نراه من سقوط وربما إندثار لبعض التخصصات فيما بعد.
وقال آخر؛ إن الإعلام الجديد سهّل الطريق لكل من هب ودب ليصبح إعلامي ثم يقوم بشراء ساعات هوا لكل غاوي تلميع المشاهير والبلوجرز، وأصبح السوق الإعلامي غير منظم ومفتوح لأي شخص، حتى لو مش دارس إعلام.
وأصبح المقياس الحقيقي هو الشهرة وليس المؤهل.
مفيش قانون يلزم المؤسسات بتعيين خريجي إعلام أو يعطيهم أولوية..
وعلى نفس السياق قال آخر: للأسف عشان كل من هب و دب بقا بيشتغل شغله الإعلامي و اي حد يفتح كاميرة تليفونه على أي منصة أصبح أفضل من خريج إعلام اللي بيقعد يدرس كلام نظري طول ٤ سنين مالهوش علاقه بالواقع والتفوق اكاديمي مالهوش لازمة لأن كده كده مش بيتعين وبعد التخرج معاك واسطة اشتغل مش معاك اقعد في بيتك
وأوصى آخر قائلاً: لتلبية احتياج سوق العمل، لازم كليات الاعلام تغير طبيعة المحتوي الدراسي بما يتلائم مع متطلبات سوق العمل الدولية، من خلال توفير دراسة نظم التسويق الالكتروني وكذلك دراسه المبيعات الدولية بما يتلائم مع الطبيعة الاعلامية وغيرها من متطلبات. هذا من منطلق العلاقات العامة والاعلان
وقام آخر بالتعليق بوجهة نظره بالعودة إلى أن سبب المشكلة يعود لمراحل سابقة. طالما فيه نظام الثانوية العامة المرهقة للطالب وأبوه وأمه وإخواته مادياً ونفسياً وإستغلال من المدرسين والذي أدى إلى عدم وجود نوعية تعليم عالمي في مصر، ولن يكون فيه إبداع ولا تعليم في مصر، طالما التعليم بالتلقين والحفظ والكتاب والمذكرات وتنشين ليلة الامتحان مش هيكون فيه تعليم ولا متعلمين في مصر
وقالت أخرى؛ أن المناهج التعليمية كلها. أصبحت قديمة لا تصلح للتطور الحالي والاساتذة لم يلحقوا بالعلوم الحديثة والنظريات التي يتم تدريسها أصبحت قديمة.
والتعليق الذي جذب انتباهي كانت من أحد الخريجين الجدد، حيث قال بالنص: "معلهش يا دكتور ..أنا خريج من تحت إيد حضرتك وغيري كثير جداً مشتغلناش ولا فيه حاجة بما يُرضي الله تناسبنا في الإعلام .. ولا فيه حاجة من كتب حضراتكم مطابقة للواقع واللي بنشوفه في القنوات ..
عند حضرتك تفسير ؟؟"
وأضاف خريج آخر قائلاً: اكبر غلطة عملتها اني سبت تربية ودخلت آداب إعلام وبقينا عطلانين ومش لاقين شغل أخرنا بقينا خدمة عملاء لشركات بتمص دمنا وبتحسسنا أننا مالناش قيمة وكنا فاكرين لما دخلنا اعلام أننا مسكنا السما بايدينا.
وأضاف آخر قائلاً: ولأننا كطلاب إعلام وخرجين إعلام لا يوجد لنا مكان في سوق العمل فقد اقتصر سوق العمل علي صناع التريندات واشباه المثقفين وأمام أعيينا نري أستاذتنا يجلسون خلف مكاتبهم فقط وإعلام مقتصر علي شويه نصابين وحنجوريين لا درسوا إعلام ولا دخلوا كليات الإعلام.
وكان هناك رأي آخر بأن العمل كإعلامى مش محتاج تكون دارس إعلام . أغلب العاملين فى قطاع الإذاعة والتليفزيون ماهم إلا ممثلين ومطربين ولاعبى كرة قدم سابقين ومنهم راقصات كمان إلا من رحم ربى قلة قليلة ممن درسوا الإعلام.. للأسف الواسطة.
وقال آخر يلقى باللوم على انتشار بيزنيس التعليم، ليقول أن السبب يكمن في معدومي الضمير المفسدين الذين اتخذوا من كليات ومعاهد الإعلام سبوبة وبزنس أولاً وبسبب تردّي حال الإعلام بسبب غلق المجال العام
وعلّق آخر تعليقاً أثار إعجابي بالفعل حيث قال: "أن كليات الإعلام لم تتراجع لأنها ضعيفة، بل لأن من دخلها ضعيف، ولأن المجتمع لم يُدرك بعد جوهرها العميق.
فما لا يدركه البعض، أن الإعلام ليس مجرد تخصص جامعي، بل هو منظومة فكرية وقوة ناعمة تُعيد تشكيل الوعي، وتُهذّب العقول، وتوجّه الرأي العام.
يظنّ بعضهم أن كلية الإعلام لا تُنتج إلا الكلام، في حين أنها تضع أساسات التأثير، وتصوغ لغة الجماهير، وتُخرج من بين جدرانها قادة الكلمة، وصُنّاع الصورة، وأرباب الحرف.
الإعلام لا يُعلِّمك أن تتكلم فحسب، بل يُصقلك لتفهم ما تقول، ولمن تقول، ومتى تقول، ولماذا.
هو ليس تعليمًا تقنيًا فقط، بل تنويرٌ فكري، ومعرفةٌ بالناس، بالحياة، بالتاريخ، بالثقافة، وبأنفسنا.
والإعلامي الحق، لا يبدأ من الصفر حين يلتحق بالكلية، بل يحمل معه بذورًا من الموهبة، والثقافة، والشغف، فتأتي الدراسة لتروي هذه البذور وتُنمّيها.
فمن دخل الإعلام فارغًا، فسيخرج فارغًا، لا لعيب في التخصص، بل لقصور في الذات. أما من دخله ممتلئًا بالحلم والهمّة، فسيخرج مشعًا، قادرًا على أن يُغيّر الواقع بكلمة، وأن يُحرك ساكنًا برؤية، وأن يوقظ النائم بصوت.
ثمّ إن الذي يُقلّل من شأن الإعلام، هل يظن أن الوعي يُصنع بالطب؟
وأن القيم تُغرس بالهندسة؟
وأن الضمير يُبنى بالصيدلة؟
أم أن كل هؤلاء بحاجة إلى من يُوجّه رسالتهم، ويُعرّف الناس بأهميتهم، ويُجيد مخاطبة العقول؟
هنا يأتي الإعلامي.
فرفقًا بالتخصص الذي إن وُجد في وطن، أسهم في نهوضه، وإن غاب، عمّ الجهل وتوحّش الزيف.
وختامًا، لا تُنكر الشمس لأنها لم تشرق من نافذتك. ولا تُقلّل من الإعلام لأنك لم تُحسن استثماره.
فكلية الإعلام لا تزرع الإنسان، لكنها تُنمّيه إن كان حيًّا. أما إن دخلها ميت الفكر، خامد الوعي، فلا تلوموا إلا أنفسكم إن خرج كما دخل.
أما أنا في النهاية أقول بأن الاستراتيجية والرؤية كانت لدينا منذ أكثر من ألف واربعمائة وأربعين عاماً ولا تزال لدينا، لا تحتاج إلا لإعادة النظر من أصحاب المصلحة وهي العودة إلى آيات قرآنية هي أول ما أنزله الله تعالى على رسوله الكريم من أجل نشر الدعوة الإسلامية والنتائج أثبتت فعاليتها. هي السبع آيات الأولى من سورة المدثر: يَٰٓأَيُّهَا ٱلۡمُدَّثِّرُ (1) قُمۡ فَأَنذِرۡ (2) وَرَبَّكَ فَكَبِّرۡ (3) وَثِيَابَكَ فَطَهِّرۡ (4) وَٱلرُّجۡزَ فَٱهۡجُرۡ (5) وَلَا تَمۡنُن تَسۡتَكۡثِرُ (6) وَلِرَبِّكَ فَٱصۡبِرۡ (7)
فقط تدبروها وستعلمون ما أقول لكم.