الثلاثاء 23 سبتمبر 2025 03:15 مـ
الجارديان المصرية

رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير عبد النبى عبد الستار

مقالات

خالد درة يكتب : بالعقل أقول…( ماكرون زعيم يخلده التاريخ .. )

الكاتب الكبير خالد درة
الكاتب الكبير خالد درة

منذ أن تولى الرئيس الفرنسي ماكرون قضية حل الدولتين و الإعتراف بالدولة الفلسطينية و سعيه الدائم لضم العديد من الدول الأوروبية و غير الأوروبية معه و التى إستجاب الكثير منها لدعوته و اعترفوا حقاً بإقامة دولة فلسطينية مستقلة فقد فتح ماكرون بهذا باب التاريخ ليدخل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون صباح اليوم الإثنين تاريخ فرنسا و التاريخ العربى كأول رئيس يعترف بالدولة الفلسطينية .، مصطحباً معه تسع دول هي أستراليا وبلجيكا و كندا و المملكة المتحدة و البرتغال و لوكسمبورغ و مالطا و سان مارينو ..

فبريطانيا و فرنسا عضوان دائمان في مجلس الأمن و في مجموعة السبع الصناعية و ست من هذه الدول أعضاء في الناتو .. صحيح أن إعلان الاعتراف بالدولة الفلسطينية جاء متأخراً بعد الحرب الإسرائيلية الوحشية على غزة المستمرة منذ سنتين ، لكن أن تأتي متأخراً خير من ألا تأتي أبداً ..
و كان ماكرون قد أكد قبل حرب غزة أنه سيعترف بالدولة الفلسطينية قبل نهاية عهده .. و شرح ماكرون في عدد من مقابلاته أنه خلال زيارته السعودية في ديسمبر الماضي ، اتفق مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان على تنظيم مؤتمر من أجل حل الدولتين و ترؤسه .. و قال مسوؤل في القصر الرئاسي الفرنسي عشية المؤتمر : "إنها المرة الأولى منذ وقت طويل يجري فيها نقاش حول هذا الموضوع بالذات في الجمعية العامة للأمم المتحدة على مستوى الرؤساء"، و تأتي هذه الدورة للجمعية العامة بعد اعتماد إعلان نيويورك من 142 دولة تعترف بدولة فلسطين .. و أوضح المسؤول الرئاسي أن هدف المؤتمر هو إقرار بنود المرجعية لخطة سلام على أن "يتم تفصيلها في كل الخطوات التي سنقوم بها خلال الأيام الثلاثة المقبلة في نيويورك بالتسلسل الذي وضع في إعلان نيويورك الذي يبدأ من تحرير الرهائن و وقف إطلاق النار مروراً بتثبيت الاستقرار و تأمين أراضي غزة ، وصولاً إلى إعادة إعمارها و إعادة انتشار السلطة الفلسطينية فيها .. هدفنا الأساسي هو التوصل إلى سلام عادل و دائم في الشرق الأوسط ، الذى هو اليوم أكثر إلحاحاً من أي وقت مضى ، و قد تم الاتفاق على هذه المبادرة مع السعودية شريكاً أساسياً في تحقيق السلام في الشرق الأوسط خلال الزيارة الرسمية التي قام بها الرئيس ماكرون للرياض ، و منذ ذلك الوقت حرصنا على الحصول من شركائنا العرب و المسلمين ، و لا سيما في نيويورك ، على إدانة هجمات السابع من أكتوبر و إلتزام استبعاد حركة حماس بالكامل من أي حكومة مستقبلية"..
و من المتوقع أن يخاطب ولي العهد السعودي المؤتمر عبر الفيديو وأيضاً رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس الذي منعت الولايات المتحدة إعطاءه تأشيرة دخول إلى نيويورك ..

و منذ إعلان مبادرة ماكرون ، يشن رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو حملات مشوّهة على الرئيس الفرنسي متهماً إياه بالدفاع عن "حماس".. فعلاقات نتنياهو بماكرون أصبحت بالغة التوتر ، و السلطات الفرنسية تتخوف من المزيد من تهجم حلفاء نتنياهو على ماكرون و مبادرته .. فالسفير الأميركي في فرنسا شارل كوشنير ، والد صهر ترامب جاريد كوشنير ، انتقد علناً مرتين ماكرون متهماً إياه بأنه يؤيد "حماس".. و كانت السلطات الفرنسية منعت البلديات الاشتراكية من رفع أعلام فلسطين في مقارها .. و تهدد الحكومة الإسرائيلية بإجراءات صارمة ضد المبادرة الفرنسية ، منها ضم جزء من الضفة الغربية ، ما تعتبره فرنسا غير مقبول .. و طالب بعض الوزراء الإسرائيليين بإغلاق القنصلية العامة لفرنسا في القدس و طرد ديبلوماسييها و حجز أماكن فرنسية في القدس مثل قبر الملوك ، ما جعل مصدراً ديبلوماسياً فرنسياً يتوقع "معركة معلوماتية شرسة موجهة خاصةً ضد فرنسا التي ينظر إليها على أنها صاحبة المبادرة في هذه القضية"..

و نقلت بعض مقالات الصحف اليمينية الواسعة الانتشار في فرنسا مثل "لو فيجارو" عن الجالية اليهودية في فرنسا قلقاً كبيراً من هذه الخطوة ، مدعية أنها لإرضاء مسلمي فرنسا و تهدئتهم .. و قال أحد معلقي "لو فيجارو" إيف تريلر إن يهود فرنسا خائفون و يريدون مغادرة البلد .. كما أن حزب "التجمع الوطني" و زعيمته مارين لوبين انتقدا بشدة خطوة ماكرون .. تجدر الإشارة إلى أن المبادرة الفرنسية ، و لو أنها لن توقف القتل و التدمير و التجويع في غزة ، لكنها على الأقل تعطي آفاقاً لحل سياسي قد يأتي يوماً يعيد للشعب الفلسطيني الذي لا تمكن إبادته ، برغم كل ما ترتكبه إسرائيل ، بعضاً من حقوقه ..

لقد كانت فرنسا منذ شارل ديغول مع حل شامل و عادل للقضية الفلسطينية ، و كانت دائماً ، و خصوصاً في عهد الرئيس جاك شيراك ، تسعى للدفاع عن حقوق الفلسطينيين .. و يجدر التذكير هنا بأن الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات جاء للعلاج في فرنسا في مرضه الأخير ( أو تسمّمه ) و مات في فرنسا و نقل منها في موكب وداعي كرئيس دولة .

خالد درة بالعقل أقول …( ماكرون زعيم يخلده التاريخ .. ) الجارديان المصرية