الخميس 19 يونيو 2025 11:47 مـ
الجارديان المصرية

رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير عبد النبى عبد الستار

مقالات

خالد درة يكتب : بالعقل أقول…( روسيا العاجزة عن مناصرة حليفتها إيران ” خوف أم ضعف ”...)

الكاتب الكبير خالد درة
الكاتب الكبير خالد درة

يبدو أنّ بنيامين نتنياهو جُنّ جنونه ولا أحد يستطيع إيقافه في تنفيذ مخططه بإزالة النظام الإيراني و روسيا عاجزة عن المساعدة بسبب العديد من المشاكل التي تحيط بها و في طليعتها حربها مع أوكرانيا ..

فقد شهدت الساحة الإقليمية في الشرق الأوسط خلال عام 2025 تصعيداً خطيراً في النزاع بين إسرائيل و إيران ، إثر هجمات عسكرية إسرائيلية على منشآت إيرانية نووية وصاروخية .. و في هذا السياق ، برز موقف روسيا كفاعل رئيسي يسعى إلى تحقيق توازن دقيق بين دعم حليفها الاستراتيجي إيران و الحفاظ على علاقاتها الاقتصادية و الأمنية المهمة مع إسرائيل .. و تعكس هذه الدينامية التحديات التي تواجه موسكو في إدارة ملف معقد يتداخل فيه الأمن الإقليمي بالدبلوماسية الدولية ..

ففي 13 يونيو 2025 ، أدانت روسيا بشدّة الهجمات الإسرائيلية على المنشآت النووية و الصاروخية الإيرانية ، معتبرةً إياها خرقاً صارخاً للقانون الدولي و ميثاق الأمم المتحدة ، حيث أكّدت وزارة الخارجية الروسية أنّ هذه الضربات تعرقل الجهود الديبلوماسية الرامية إلى معالجة البرنامج النووي الإيراني السلمي .. و موسكو ، الحليف الرئيسي لطهران ، حذّرت من أن هذا التصعيد قد يؤدّي إلى زعزعة الاستقرار الإقليمي و الدولي ، و دعت جميع الأطراف إلى ضبط النفس و تجنب الانزلاق إلى حرب شاملة ..
و سبقت هذا التصعيد تحذيرات روسية لإسرائيل في أكتوبر 2024 ، حيث اعتبرت موسكو أي ضربة للمنشآت النووية الإيرانية خطوة "كارثية" قد تقوِّض السلامة النووية ، مؤكدة أنّ إيران لا تسعى للتصعيد ، و أنّ موسكو أبلغت إسرائيل بذلك عبر القنوات الديبلوماسية ..
حيث تمتلك روسيا علاقات معقدة و متعددة الأبعاد مع إسرائيل ، فتشمل التعاون الاقتصادي و الأمني ، بالإضافة إلى قنوات تواصل سياسية و استخباراتية نشطة.. و رغم دعمها السياسي و العسكري لإيران ، تسعى موسكو للحفاظ على هذه العلاقات مع إسرائيل ، خاصة في ظل التنسيق غير المباشر بين البلدين بشأن العمليات العسكرية في سوريا .. و هذا الواقع يفرض على روسيا اتخاذ موقف متوازن ، يعكس دعمها لطهران مع تجنب الانحياز الصريح الذي قد يضر بعلاقاتها مع إسرائيل ..

وهنا يُظهر الموقف الرسمي الروسي دعماً مستمراً لإيران ، لا سيما في إطار تحالفهما في سوريا ، مع دعوات متكررة إلى الحلول الدبلوماسية و الابتعاد عن التصعيد العسكري .. فدعا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ، على سبيل المثال ، إيران إلى ردّ محدود بعد اغتيال إسماعيل هنيّة ، مع التشديد على تجنب استهداف المدنيين الإسرائيليين ..

و تسعى روسيا إلى الحفاظ على توازن دقيق في علاقاتها الإقليمية ، محذرة من أي توتر قد يؤدّي إلى انزلاق الصراع إلى أبعاد أشدّ خطورة .. ففي نوفمبر 2024 ، حذّر المبعوث الروسي الخاص إلى سوريا ألكسندر لافرنتييف من محاولات إسرائيل استغلال الوضع لصالحها ، مؤكداً رفض موسكو لأي اجتياح إسرائيلي للجنوب السوري ، و مهدداً برد فعل سلبي روسي في حال حدوث ذلك ..

و ديبلوماسياً ، وافق بوتين على طلب الرئيس الأميركي دونالد ترامب في مارس 2025 الوساطة بين واشنطن وطهران ، مؤكداً ضرورة حل القضايا العالقة عبر التفاوض ، رغم رفض إيران المباشر للتفاوض مع الولايات المتحدة ..

لذا ترى روسيا أنّ التصعيد العسكري قد يؤدي إلى انهيار الاستقرار الإقليمي ، ما يضر بمصالحها الاستراتيجية ، و يزيد من المخاطر الأمنية في المنطقة .. و تدعو روسيا إلى التفاوض للحفاظ على السلام و منع مواجهة عسكرية شاملة ، فضلاً عن تعزيز دورها كوسيط دولي قادر على إدارة الأزمات الإقليمية الكبرى .. و رغم العلاقات الوثيقة مع إيران ، لم تفعّل روسيا اتفاقية الدفاع المشترك لأسباب منها الضغوط الدولية و العقوبات الاقتصادية ، و الرغبة في الحفاظ على توازن علاقاتها مع إسرائيل و الدول الغربية .. كذلك تواجه روسيا تحديات اقتصادية خاصة بها ، ما يجعلها حذرة في الالتزام باتفاقيات مالية قد تزيد من تعقيد وضعها ..
فانهيار النظام الإيراني سيترك فراغاً أمنياً و سياسياً هائلاً يهدّد استقرار الحدود مع دول الجوار ، و يزيد من انتشار الفوضى و الهجرة الجماعية و الجماعات المسلحة .. كما سيتسبب ذلك بضغط أمني على روسيا خاصة في آسيا الوسطى والقوقاز ، بالإضافة إلى تداعيات اقتصادية سلبية نتيجة تراجع التعاون مع إيران .. هذا الانهيار سيغيّر موازين القوى الإقليمية ، و يزيد من تعقيد الأوضاع الأمنية و السياسية في المنطقة ، ما يشكل تحدياً لروسيا التي تسعى لاستغلال الفرص لتجنب الفوضى ..

فروسيا تواجه معضلة استراتيجية في التعامل مع النزاع بين إسرائيل و إيران ، فهي تحاول دعم حليفها الإيراني مع الحفاظ على علاقات جيدة مع إسرائيل ، و الابتعاد عن التصعيد العسكري الذي قد يضر بمصالحها ، لذلك تعمل روسيا على تطوير الوساطة بين الأطراف المتحاربة نظراً للعلاقات القوية التي تربطها بهما بالإضافة إلى تقديم نفسها أمام ترامب كوسيط إيجابي يعمل على دفع إيران للجلوس على طاولة المفاوضات و توقيع اتفاقية مع الولايات المتحدة بحسب شروطها ، فالمسعى الروسي يقوم على الحلول الدبلوماسية لا دفع الأمور للاشتعال ؛ فموسكو تدرك أنّ انهيار النظام في إيران سيؤثر على مناطق آسيا الوسطى التي تملك روسيا فيها نفوذاً قوياً ، و كذلك استمرار الحرب و ضرب المفاعلات النووية قد تتطاير إشعاعاته إلى روسيا ودول الخليج العربي ..
لذلك فإنّ موقف موسكو يعكس سعيها إلى القيام بدور الوسيط في الأزمة ، و الحفاظ على استقرار الشرق الأوسط الذي ينعكس بدوره على استقرار مصالحها في المنطقة و على الساحة الدولية .. و في ظل تعقيد المشهد الدبلوماسي ، يبقى مستقبل هذا النزاع مرتبطاً بقدرة الأطراف على التفاوض و تجنب التصعيد الذي قد يحوّل المنطقة إلى بؤرة صراع أوسع ..

من هنا كانت رسالة بوتين إلى المرشد ضمن الوساطة بالحفاظ على النظام و الذهاب نحو طاولة المفاوضات و التوافق مع ترامب الذي يسعى للتفاوض ضمن شروطه ، لكن يبدو أنّ بنيامين نتنياهو جُنّ جنونه و لا أحد يستطيع إيقافه في تنفيذ مخططه بإزالة النظام الإيراني و روسيا عاجزة عن المساعدة بسبب العديد من المشاكل التي تحيط بها و في طليعتها حربها في أوكرانيا ..

خالد درة بالعقل أقول ( روسيا العاجزة عن مناصرة حليفتها إيران ” خوف أم ضعف ”...) الجارديان المصرية