الجمعة 8 أغسطس 2025 03:01 مـ
الجارديان المصرية

رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير عبد النبى عبد الستار

مقالات

خالد درة يكتب من باريس : بالعقل أقول…( غزة تحت عدسة الغارديان أشبه بيوم القيامة ..! )

الكاتب الكبير خالد درة
الكاتب الكبير خالد درة

صورة إلتقطها زميل صحافي لغزة و قد أعطتها صحيفة «الغارديان» البريطانية كامل الصفحة الأولى لعددها الصادر أول أمس ، الأربعاء الموافق السادس من أغسطس الجاري ، تدق ناقوس خطر يُحدق بالعالم ككل ، لكن أكثر الناس في مشارق الأرض و مغاربها ، يتحاشى التَحديق باتساع العينين في وجه خطر هو قيَد التشكيل الآن ، بما فيهم أغلب المعنيين بما يجري على أرض قطاع غزة ، منذ اندلاع مآسي حرب إسرائيل بنيامين نتنياهو الوحشية ، بل التي فاقت كل تصورات التوحش في حروب الزمن المعاصر ، ضد الغزيين كلهم أجمعين ، رداً على كارثة هجوم كتائب القسام ، الذراع العسكري لحركة «حماس» ، و الموثق تاريخياً تحت مُسمى «طوفان الأقصى»..

الصورة إلتقطتها كاميرا الزميل الصحافي لورينزو توندو ، موفد الصحيفة الذي أتاح له سلاح الطيران الملكي الأردني مرافقة إحدى رحلاته لإلقاء مساعدات غذاء ، أو دواء ، على جياع غزة المنتظرين رحمة السماء .. حيث اختار محرر الصفحة العنوان التالي: «من فوق... غزة تبدو كما لو أنها في اليوم التالي ليوم القيامة» .. عنوان فرعي آخر أعلى الصورة ذاتها يزعق حزيناً بالآتي: «يحطم القلب سماع صوت صبي يستغيث بأمه غير مدرك أنها ميتة»..

تُرى ، ماذا بعد في جعبة نتنياهو ، و بن غفير ، و سموترتش ، و باقي عصابة حقد التطرف «الصهيوديني» الأعمى - و كل الحقد أعمى القلب ، من أي ثقافة كان ، أو عرق ، أو مُعتقَد - ماذا بقي في جعبتهم من الأحقاد يصبونها على خلطة تخليق جيل انتقام غزاوي هو قيْد التشكيل الآن ، ينتظر أن ينفجر القمقم المحبوس داخله ، و هو قمقم منحوت من صخور جبال جماجم أطفال و نساء و عجائز و مُسنين .. عندما يحصل ذلك ، فليكن الله حقاً في عون كل الذين سيواجهون غضب جيل الانتقام الآتي حتماً، و لو بعد حين ..

الزمن غير المحدد أعلاه ، أعطيته صفة «بعد حين» لسبب بسيط ، خلاصته أن محاولة التكهن بتحديده مستحيلة ، و هنا أحد مكامن الخطر الذي يشكله جيل الانتقام الغزاوي ..
قد ينفجر غضب هذا الجيل حتى بعد بضع سنوات من إخماد لهب محرقة الحرب الحالية ، و بعدما يكون جمع كثير من ساسة العالم طفق يطمئن ، معتقداً أن النسيان قد طوى فواجع ما بعد السابع من أكتوبر 2023. كلا ، هذا وهم كبير .. بالطبع وهم النسيان هذا صحيح بشأن كِلتى الضفتين ، الفلسطينية كما الإسرائيلية .. يبدو أن الطرف الإسرائيلي أقدر على المضي قدماً في الحياة بلا كثير إلتفات إلى الوراء .. و أسباب هكذا تفوق ، إن صح إعتباره تفوقاً ، متعددة ، ربما في مقدمها أن تجمعات المتعاطفين مع الذي أصاب الإسرائيليين فجر يوم «طوفان الأقصى»، سوف تتداعى لإعانتهم على إعادة تأهيل المعانين صدمات ما بعد الصدمة ،
و الأرجح أن هذا تداع ، أو اهتمام ، لن يتوفرا للطرف الفلسطيني ، و لا امتداداته في العالمين العربي والإسلامي وخارجهما .. هذا يوصلني إلى وجه آخر شديد الخطورة لجيل الانتقام الغزاوي قيد التشكيل الآن ، خلاصته أن تركيبته ليست بالضرورة تضم شبان و شابات غزة فقط ، و من المرجح أن عناصره لن تقتصر على متدينيين منخرطين في صفوف حركات أو فصائل جهادية .. كلا ، يجب ألا يثير العجب في مقبل السنين ، إذا شكلت مآسي غزة أيقونة تجذب إلى وهجها غضب جيل غاضب حول العالم كله ، و بين عناصره علمانيون و بيئيون رافضون للدين ككل .. عناصر من طراز كارلوس الفنزويلي ، المعروف لدى أجهزة الاستخبارات الدولية بإسم «ذا جاكال»، أو «الثعلب»، و الذي احترف الأرهاب عن اقتناع ، و ليس من منطلق الانصياع لدين محدد ..

فهل فات أوان الاحتواء .. هذا خطر داهم؟ لستُ أدري ، بل لستُ مؤهلاً لأن أقترح إجابة .. إنما ، الأرجح أن أغلب المعنيين بوقف الحرب ، و بطرح سيناريوهات «اليوم التالي»، غير متنبهين لخطر جيل انتقام غزاوي يتشكل الآن عالمياً .. مع ذلك ، آمل أنني على خطأ ، و أن العكس هو الصحيح ، و أن خططا توضع الآن للمباشرة في تنفيذها فور توقف الحرب على أرض غزة ، بغرض الحيلولة دون انفجار قمقم المنتقمين ، فلا يجري استنساخ حالات كما «الأفغان العرب»، و«الجيش الأحمر» الياباني ، و تنظيم «بادر ماينهوف» الألماني ، و غيرها مما توثقها سجلات تاريخ نشوء حركات الإرهاب وتطورها .. لست أدرى و لعل القادم أفضل .

خالد درة بالعقل أقول…( غزة تحت عدسة الغارديان أشبه بيوم القيامة ..! ) الجارديان المصرية