الثلاثاء 6 مايو 2025 06:49 مـ
الجارديان المصرية

رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير عبد النبى عبد الستار

مقالات

خالد درة يكتب: بالعقل أقول…( قبل زيارة ترامب للخليج … نتنياهو يطيح فى الكل ..!)

الكاتب الكبير خالد درة
الكاتب الكبير خالد درة

لا شيء يوحي بهدنة قريبة ، لا في غزة و لا على الجبهات الأخرى ..

حيث أطاح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بالآمال الضعيفة للتوصّل إلى هدنة في غزة ، قبل أيّام من جولة الرئيس الأميركي دونالد ترامب على السعودية و قطر و دولة الإمارات العربية المتحدة بين 13 ، 16 مايو الحالي ..

حيث صدرت أوامر باستدعاء عشرات الآلاف من جنود الاحتياط على جبهة غزة .. و شمالاً ، مدّدت إسرائيل نطاق انتشار قواتها بحجة "حماية الدروز" من هجمات فصائل تابعة للنظام الجديد أو رديفة له ، و شنّت في الأيام الأخيرة أوسع غارات جوّية على مواقع مختلفة في أنحاء سوريا بينها واحدة "تحذيرية" للرئيس الانتقالي أحمد الشرع قرب "قصر الشعب" في وسط دمشق .. و في لبنان لا يمضي يوم من دون شنّ غارات إسرائيلية على الجنوب ومناطق أخرى ، في تجاهل متمادٍ لاتفاق وقف النار وضمانات الضامنين ..

السؤال الذي يفرض نفسه هنا : لماذا يتقصّد نتنياهو رفع درجة التصعيد على أعتاب جولة ترامب؟..

في خلفية الحدث ، نتنياهو عاتب على ترامب لذهابه في خيار التفاوض مع إيران ، عوض الإصغاء للطرح الإسرائيلي بعدم إضاعة فرصة متاحة الآن لتوجيه ضربة عسكرية للمنشآت النووية و غير النووية .. نتنياهو ، و معه صقور في إدارة ترامب و الكونغرس ، يرون أن أيّ اتفاق مع طهران ، مهما كان صارماً ، لن يحول في المستقبل دون السعي مجدّداً إلى تجديد البرنامج النووي .. و يجد هؤلاء أن العلة هي في النظام ، أكثر ممّا تكمن في برنامجه النووي بحد ذاته ..

ترامب ، حتى الآن ، لا يحبّذ الخيار العسكري و قلب النظام ، لأن تجربتي تغيير النظامين بالقوة في أفغانستان و العراق ، عقب هجمات 11 سبتمبر 2001 ، أدتا إلى نتائج كارثية لا تزال آثارها السلبية تتبدّى في الشرق الأوسط كله ..

و إن كان ترامب يعاند أمام نتنياهو في إيران ، فإن الأخير يذهب في تمديد حربه في غزة ، من دون نفي إمكان إعادة احتلال القطاع بالكامل وتجديد الاستيطان فيه و دفع سكانه الذين يقضون قصفاً و جوعاً إلى هجرة قسرية .. حيث لم تعد استعادة الأسرى الإسرائيليين ، وفق نتنياهو ، هي الهدف الأعلى للحرب ، بل هى "أحد أهم أهدافها"، في الطريق إلى "النصر المطلق" على حسب نتنياهو ..

و نجد ما يسري على غزة ، يسري على الضفة الغربية ، التي تقوم إسرائيل بهدم مخيماتها و تشرّد سكّانها مجدّداً ، و تغرقها بمزيد من المستوطنات ..

و وجد نتنياهو في الصراع الطائفي المتجدّد في سوريا ضالته لتغيير حدود إسرائيل شمالاً .. و الإعلام الإسرائيلي يتحدث عن خطط للتوغل 80 كيلومتراً من حدود مرتفعات الجولان المحتلة ، و فرض حظر على توجّه قوات النظام الجديد من دمشق جنوباً .. و هذا يعني عملياً قضم ثلاث محافظات سورية : هى القنيطرة و درعا و السويداء ..

و هذه ترجمة لتهديد نتنياهو ، الأسبوع الماضي ، بأن إسرائيل ستبقى مسيطرة عسكرياً على الشرق الأوسط .. و من دون مبالغة ، ستستغل إسرائيل الانسحاب الأميركي التدريجي من شمال شرق سوريا ، لتملأ هي الفراغ بذريعة "حماية الأكراد"، في وقت يهتز اتفاق العاشر من مارس بين "قوات سوريا الديموقراطية" (قسد) و النظام الجديد .. و يبرز في هذا السياق أيضاً اندفاع إسرائيل إلى تقليص النفوذ التركي في سوريا ، في استعادة لمشهد التصدّي الإسرائيلي للنفوذ الإيراني إبان فترة حكم النظام السابق ..

و بذلك ، لا يكلّ نتنياهو عن مسعاه إلى فرض رؤيته لخريطة الشرق الأوسط ، و فرض "يالطا" إقليمية ، هي صاحبة القول الفصل فيها .. قد يكون هذا ما يعنيه رئيس الوزراء الإسرائيلي عندما يتحدث مراراً و تكراراً عن "النصر المطلق"، وعندما يقول رئيس الأركان الإسرائيلي إيال زامير أن "الشعب اليهودي هو في رحلة تاريخية"..

و لكن يتوقف نجاح إسرائيل في إعادة رسم الخرائط ، على الموقف الأميركي في نهاية المطاف .. فحدود التوسّع الإسرائيلي الجديد محكومة بالدعم الأميركي ..
و للعلم .. تحتفل إسرائيل هذه الأيام بذكرى تأسيسها عام 1948، وهي ذكرى النكبة لدى الفلسطينيين ، الذين يعاد تشريدهم مجدّداً اليوم وسط نكبات جديدة في المنطقة بكاملها .