دكتور رضا محمد طه يكتب : زيادة حالات التوحد ونقص الإنتباه جراء كثرة استخدام تلك المواد المنزلية
الجارديان المصريةدراسة جديدة أجراها باحثون من كلية الطب بجامعة كيس ويسترن ريسيرف ونشرت مؤخراً في مجلة نيوروساينس Neuroscience كشفت نتائجها عن أن بعض المواد الكيميائية شائعة الاستخدام والموجودة في منتجات عديدة مثل المساحيق وكريمات العناية الشخصية والمنتجات المنزلية ومنها الفوسفات العضوي في الأصباغ والورنيش والمنسوجات والراتنجات وغيرها وكذلك الامونيوم الرباعي في المطهرات ومنتجات العناية الشخصية جميعها تمثل ضرراً كبيراً على الخلايا الدبقية قليلة التغصن في الدماغ المعروفة اختصاراً ب OPCs وهي خلايا وظيفتها انتاج أغلفة المايلين للخلايا العصبية لحمايتها وتعمل كذلك علي سرعة انتقال النبضات العصبية ، ومن ثم يؤدي ذلك التأثير عليها الي الإصابة بالاضطرابات العصبية مثل طيف التوحد واضطراب نقص الإنتباه والتصلب المتعدد.
قام الباحثون في تلك الدراسة باختبار تأثير نحو ألفي من المواد الكيميائية علي الخلايا الدبقية والأنظمة العضوية ونمو الدماغ في الفئران. وكشفت النتائج عن خطورة مجموعتين من تلك المواد وهما مثبطات اللهب الفوسفاتية العضوية organophosphate flame retardants ومركبات الامونيوم الرباعية QASCs والتي كان لها الأثر الكبير في موت الخلايا الدبقية. وكانت الدراسات السابقة قد ركزت على التأثير السام لتلك المواد علي الخلايا وبالرغم من أنها قد لا يكون لها تأثير سام لكنها في الوقت نفسه تؤثر سلبا وتضر بالخلايا العصبية بدليل أن نحو 20% من المواد الكيميائية المختبرة كانت سامة للخلايا وقتلت الخلايا الدبقية بينما 70% من تلك المواد وبالأخص مثبطات اللهب الفوسفاتية العضوية أدت إلى تثبيط إنتاج الخلايا العصبية وتعطيل أو منع توليد الخلايا الدبقية ، وتتواجد هذه المواد بكثرة في المنتجات الالكترونية والأثاث، من ناحية أخرى تسببت مركبات QACs في قتل الخلايا الدبقية لأنها تعبر حاجز الدماغ وتتراكم في أنسجة المخ، ومن ثم فقدت الفئران المستخدمة في الإختبار الخلايا الدبقية في مناطق عديدة من الدماغ بما يعطي دلالة علي خطورتها علي الدماغ النامي، وتكثر تلك المواد في منتجات العناية الشخصية والمطهرات .
اختبر الباحثون أيضا تأثير مادة فوسفات تريس المعروفة اختصاراً ب TDCIPP على نموذج خلايا مخ بشرية وكشفت النتائج حدوث انخفاض في أعداد الخلايا الدبقية بنسبة 70% وانخفاض في خلايا أخري بالمخ مما يؤكد التأثير الضار لتلك المواد الكيميائية علي منع خلايا المخ من النمو والنضج وتؤكد أيضا علي أن كثرة تعرض الأطفال لمستويات عالية من مواد الفوسفاتية العضوية BDCIPP تؤثر سلبا علي ذكائهم حيث احتاجوا نسبة تصل إلى ستة مرات احتياجات تعليمية خاصة مقارنة بالأطفال الأقل تعرضا لتلك المواد فضلا عن حدوث خلل وظيفي حركي لديهم.
إنتشار البلادة وفقدان الاحساس لدي الكثير في المجتمع أو علي النقيض العصبية والتوتر الزائد ما يفسر الكثير من المشاكل بل الجرائم التي تحدث في مجتمعاتنا لأسباب قد تكون بسيطة وتافهة وقد يكون السبب كثرة استخدام وتراكم المواد الكيميائية والبلاستيكية الموجودة في الكثير من المنتجات التي يستخدمها الناس علي نحو متزايد في حياتهم وهذا فإذا كانت الدول المتقدمة تحذر من تبعات ذلك في الوقت الذي دخل الكثير في بلادنا مجال تعبئة وإعادة تصنيع المواد الكيميائية تطفلا وقد يكونون بعيدا عن الرقابة هؤلاء للأسف لا هم لهم سوي المكاسب ولا تعنيهم صحة البشر.
وكانت الأبحاث قد أشارت خلال العقد الماضي الي زيادة كبيرة في حالات الاضطرابات العصبية وأرجع العلماء السبب فيما حدث من تغيير في نمط الحياة ودخول منتجات كثيرة تحتوي مواد كيميائية زادت من حالات التوحد واضطراب نقص الإنتباه والتصلب المتعدد.
ويتصح العلماء بضرورة تجنب التعرض الكثير لهذه المنتجات التي تحوي تلك المواد الكيميائية وبالأخص النساء الحوامل والأطفال والمصابين بأمراض مزمنة وفي المقابل استخدام منتجات بديلة أقل ضرراً مثل المطهرات المصنوعة من حمض الكابريليك وحمض الستريك وحمض اللاكتيك وكذا المصنوعة من المكونات النشطة الأخري مثل بيروكسيد الهيدروجين والكحول لتجنب التعرض المفرط لمنتجات الامونيوم QACs.